03‏/04‏/2020

رواية: عائد إلى حيفا



رواية: عائد إلى حيفا 

 لغسان كنفاني





عبدالخالق مرزوقي

رواية عميقة، نتذكرها كي لا ننسى

ورغم حجمها الصغير، لكنها تُقرَأ بتمهل، وبوقوف أمام كل جملة
فهي غنية ومركزة المضمون، ولها رسالة، ومكتوبة بحميمية اشتهر بها
غسان كنفاني، من العبارات المفاتيح للتعمق في اجواء الرواية 
ومضمونها:

التمهيد الذى يسبق عبارة: "هذه هي حيفا يا صفية!"

التمهيد الذى قام به الراوي، يجعلك حين تصل لهذه العبارة، ترى وجه 
الراوي كان كمن يقدم محبوبته بفخر لعائلته. 

عبارة: "انت لا ترينها، إنهم يرونها لك."

حيفا التي يعرفها الراوي، وجميع اراضي فلسطين ال 48، لم تعد مدينته
هو كفلسطيني، لم يعد الفلسطينيون يملكونها، كما غير الإحتلال الواقع
يريد ايضا تغيير الذاكرة، كي يتم نفي فلسطين التاريخية من الوجدان الفلسطيني والعربي واعادة تعريفها كمدينة اسرائيلية، لذا انتهى هذا
 المقطع في الرواية بعبارة: 
"ذلك جزء من الحرب"

وهذا ما حدث ويستمر في الحدوث تماما، لذا حربنا مع الإحتلال، لم تكن 
يوما حرب حدود، كما يحاول الإحتلال، ومن معه ويتحدثون بلغتنا، أن 
يزيفوا وعينا، هي حرب هوية، تخاض عبر مجالات عديدة، ومن تلك
المجالات الوعي والذاكرة. 


- عبارة: "كأنها تتصرف في بيتها! تتصرف وكأنه بيتها"
- وعبارة: "انظر من الذى يتحدث! إنها تقول (مثل أبيه)! و كأن
 لخلدون أبا غيرك."
البيت و خلدون هنا، قد يكونان بيتا وشخص ما، كما تسرد الرواية
وقد يكونان الوطن، الأرض، الذكريات المتروكة هناك لدى الجيل الأول
الجذور، بقية العائلات التي بقيت في الداخل. 

فالإحتلال لم يهدي منازل المغادرين والهاربين، للقادمين من اربع
جهات العالم فقط، مع المنازل يحاول منحهم وطن، الأرض، يؤسس
لهم ذكريات جديدة، وجذور في ارضنا نحن، في فلسطيننا نحن
نتعرض نحن العرب لعملية إستلاب كاملة لكل ما يتعلق بفلسطين. 

- العبارات التالية: 
"مريام: والآن دعنا ننتهي من كل شيء، أنا اعرف ابوه، واعرف ايضا
 انه ابننا ومع ذلك لندعه يقرر بنفسه، لندعه يختار، لقد اصبح شابا
 راشدا، وعلينا نحن الإثنين، أن نعترف بأنه هو وحده صاحب الحق
 في أن يختار...، أتوافق؟
- صفية: ذلك خيار عادل...وأنا واثقة أن خلدون سيختار...والدييه 
الحقيقيين، لا يمكن أن يتنكر لنداء الدم واللحم." 

احد حوارات الرواية، كتبه غسان، يتبين منه أنه كان يعرف تماما
العقلية الصهيونية، وكيف تعمل، وكلمات مريام تلخص تماما كيف
يتم تهويد الأرض، ثم الإستجابة "الخطابية" لعملية تفاوض اعلامية
حولها، ورد صفية ايضا يلخص لحد كبير سذاجة العرب، حينها، في 
التعامل مع فرض الإحتلال للأمر الواقع على الأرض، وكأنه عَرَض 
جانبي يمكن التخلص منه وتجاوزه بسهولة. 


حوار آخر، بين احد الفلسطينيين (عرب 48) الذين بقوا في حيفا
وبطل الرواية قد يكون يلخص وجهة نظر من بقوا في فلسطين 
التاريخية، وحافظوا على جزء من ذكرياتهم وجذورهم فيها:

"شعرت بفراغ مروع، حين نظرت إلى ذلك المستطيل، الذى خلفته 
على الحائط - يقصد صورة الشهيد، شقيق بطل الرواية - وقد بكت 
زوجتي، والبيت، طفلاي بذهول ادهشني، لقد ندمت لأني سمحت
 لك بإسترداد الصورة، في نهاية المطاف هذا الرجل لنا نحن، عشنا 
معه، وعاش معنا، وصار جزءا منا، وفي الليل قلت لزوجتي، أنه كان
 يتعين عليكم إن اردتم استرداده أن تستردوا البيت، ويافا، ونحن
 الصورة لا تحل مشكلتكم، ولكنها بالنسبة لنا جسركم إلينا 
وجسرنا إليكم."