03‏/02‏/2023

المرأة بين نزار ودرويش

 القصيدة قبل أن تكتب شعرا، هي تعبير عن كيفية رؤية الشاعر

 لذاته، وللآخر، والعالم، وذلك التعبير وتلك الرؤية يستمدان مواردهما

 من وعي وفكر وثقافة الشاعر، وكيفية تشكلها.


 وفي مجال هذه الرؤية ومعناها، لو وضعت بين خياري شعر 

محمود درويش ونزار قباني، سأختار الإنحياز لشعر درويش 

مع الإعتراف، بأن جزء مني كرجل شرقي، يهوى الخطاب الذى 

يحمله شعر نزار. 


خطاب شعر نزار، هو يحمل صوتا واحد في التعبير عن الحب

هو صوت الرجل، الذى يهيمن، ويفرض طريقة الحب وسير العلاقة

 وشكلها، مقصيا صوت المرأة من خطابه، رغم أن كلمة المرأة تتردد

 كثيرا في شعره، لكن تتموضع في موقع المستقبِل للخطاب، وليس

 لها أن تكون مرسلة له، أو لصوتها وجود كبير، كقصيدة ( إني خيرتك

 فاختاري)، أو قصيدة ( قلي ولو كذبا). فهو في القصيدة الأولى في

 الحقيقة لا يخيرها، بل يفرض على المرأة شكلا من الحب يريده 

هو كرجل، أو أن تُقصى.


وهو أنه في الحقيقة، كما ارى لا يخاطب المرأة بل يخاطب الأنثى

 في المرأة فقط، وكان ذكيا لأنه ادرك أن هذا الخطاب يستهوي

 الكثير من النساء، وكذلك يحبه الأغلب من الرجال، فكما كتبت 

سعاد الصباح في قصيدة كن صديقي: (غير أن الشرقي لا يهوى

 إلا ادوار البطولة).


فيما نرى في شعر محمود درويش عمقا انسانيا اكبر، وتتعدد

 الأصوات داخل القصيدة، وتبادلها بين الرجل والمرأة، كما في

 هذه القصائد ( في الإنتظار) و (انتظرها). كما لا يخجل حين 

يقوم بتبديل الادوار، من اظهار تبادل القوة والضعف بين الطرفين

 في التعبير عن مشاعرهما، وذواتهما كما في قصيدة( يطير الحمام):

لأني أحبّك (يجرحني الماء)

والطرقات إلى البحر تجرحني

والفراشة تجرحني

وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني

لأني أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح

يجرحني طائرٌ في السماء البعيدة

عطر البنفسج يجرحني

أوّل البحر يجرحني....آخر البحر يجرحني

ليتني لا أحبّك...... يا ليتني لا أحبّ

ليشفى الرخام

إلى أين تأخذني يا حبيبيَ من والديَّ

ومن شجري، من سريري الصغير

ومن ضجري، من مراياي،َ من قمري

من خزانة عمري ومن سهري... من ثيابي، ومن خَفَري؟

إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

تُشعل في أُذنيَّ البراري

تُحَمِّلُني موجتين، وتكسر ضلعين.. تشربني ثم توقدني

ثم تتركني في طريق الهواء إليك...حرامٌ... حرامُ

يطير الحمامُ...... يَحُطُّ الحمام.


عبدالخالق مرزوقي.