25‏/04‏/2017

قراءة في كتاب الرمل لورخيس



 قراءة في كتاب الرمل*




خورخي لويس بورخيس
ترجمة سعيد الغانمي
نشر دار ازمنة

رابط تحميل الكتاب :
http://www.books4arab.com/2014/08/pdf_61.html



عرض: عبدالخالق مرزوقي
مقدمة عن بورخيس: 
ولد في بوينس أيرس 1899. انتقل إلى أوروبا عام 1914 في عمر 15 سنه، يجيد الإنجليزية والفرنسية والألمانية
واللاتينية، اضافة للغة الأم الأسبانية. 
انشأ مع مجموعة من اصدقائه حركة ادبية تهتم بالشعر الطليعي، عملت على تطوير شكل شعري جديد، اصدر اول
كتاب شعري عام 1923، بإسم حماس بوينس آيرس،  وكان عمره 24 عام
حصل على جائرة الناشرين مناصفة مع صموئيل بيكيت عام،  ايضا حصل على جائزة سرفنتيس للآداب عام 1980
 وهي ارفع جائزة ثقافية في العالم الناطق بالأسبانية. 
لم يكتب روايات،  لديه 30 كتاب في القصة القصيرة والمقالة والشعر، من اشهر اعماله: متاهات،  تقرير للدكتور
برودي، تاريخ عالمي لسوء السمعة، وكتاب الرمل. 
كان منفتحا على تراث الإنسانية اجمع،  وتأثر بكتاب ألف ليلة وليلة. 
توفي عام 1985 في سويسرا عن عمر 85 عام


مفاتيح لفهم ادب بورخيس
( من مقدمة المترجم للكتاب )

- أرض بورخيس هي الحلم والوهم واللايقين
- قال عنه غالغز كان فيلسوفا هاويا طيلة حياته واعماله مليئة بالأفكار
- من بين شخصياته المفضلة اثنان عرفا بالمثالية الذاتية: الفيلسوفين باركلي وشوبنهور
اختارهما لا ليثبت اناه بل ليضيعها، ففي فلسفة باركلي يتحول كل شيء إلى ادراك وما يختفي عن الإدراك
هو احتمال ونفي وافتراض " ربط ذلك بالحديث عن الحلم"، أما لدى شوبنهور فقد امتص العالم لينفخ ذاته
وليجد نفسه اخيرا في الفرد والعبقري وإنسان نيتشه المتفوق، بورخيس يبدأ معهما من النقطة نفسها ولكنه
ينتفض عليهما لأن مثاليته الذاتية لا تؤدي إلى ذات، يجد ذاته دائما في حالة هرب، انها تختفي دائما وراء ذات
 أخرى، وتختفي تلك الذات الأخرى وراء تسلسل من الذوات.
- اهمال التاريخ: التاريخ مجرد اسلوب لمعالجة الواقعة الآن. 
- المهم هو العلاقات بين الأشياء وليس الأشياء نفسها.
- شخصية قلقة ومرتابة
- هو في حالة بحث متواصل ولايرضى بأي نموذج وهذا يفتح خياله لإستقبال النماذج الجديدة. 
- يريد لقصصه أن تكون حقيقية، لذا يدس فيها وقائع من حياته الخاصة أو وقائع تاريخية من حياة
   سواه، وحقيقية هنا بمعنى انها تتضمن تجربة ذهنية أو باطنية
- لقصصه ثيمات جانبية بالإضافة للثيمة الرئيسية. 
- تكرار لازمة التذكرالمتردد نفسها. 
- لعبة المرايا وسيلة بورخيس الأولى، الصورة المنعكسة في المرأة تعكسها مرآة اخرى، وهكذا تتسلسل
   الصور، بورخيس دائما غير موجود، ذاته تحيلنا إلى ذات اخرى، والأخرى تحيلنا إلى غيرها.


متن الكتاب

- لماذا سمى كتابه بكتاب الرمل؟
سمي بإسم القصة الأخيرة في الكتاب
- ليس للقصص بداية محددة أو نهاية

ملاحظات على النسخة المترجمة : 
-عدد صفحات النسخة المترجمة 90 صفحة، فيما عدد صفحات الكتاب الأصلي 181 صفحة
  ولم يقدم المترجم تفسيرا ذلك. 
-وجود عدد من الأخطاء المطبعية


قصة الآخر : 

- افتتاحية القصة، المفارقة بين اسم القصة وموضوعها، فلا وجود لآخر مختلف، هل الراوي هو بورخيس
 ويرى بورخيس في زمن مختلف آخر،أم الراوي يتحدث عن بورخيس كآخر. 

- ملاحظة ادخال تفاصيل بورخيس الشخصية في القصة كإسمه وتاريخ ميلاده، ووجوده في جنيف. 
- هل هو يتذكر أم يحلم. 
- الحياة كحلم والحلم حياة.


قصة أوريكا :

- منذ بداية القصة يخبرك بما يشبه التوجيه، أن هذه القصة واقعية، لكنه يضع اشارة لتنبيهك، حين يذكر
كراوي بأنما يذكره هوالحقيقة، أما ما ينساه أولا يذكره أويخفيه، فليس حقيقيا، وبالتالي لاوجود أواهمية له. 

- لكنه حين يذكر ذلك يحرضك من زاوية أخرى بأن تبحث بعقلك عن ابتكار تفاصيل ونهاية اخرى للقصة.



قصة المجلس:

- عبارة " هل يوجد مقدس على الأرض، أوهل يوجد ما ليس بمقدس"
عبارة اعتقد انها دخيلة على النص، ليس لها علاقة به، لا توضح أوتفسر حدث أوامر ما، أو تضيف اهمية، وبالتالي
 قد يكون التفسير الوحيد الذى اخرج به كقارئ للنص، أن بورخيس محب الفلسفة والمتأثر بفلسفة بيرلكي – حيث
الإيمان فقط بما هو مادي حسي – لا يستطيع أن ينسى أنه بورخيس وليس فقط راوي القصص، أو انه لا يوجد
راوي في كل القصص بل بورخيس، وبالتالي المؤلف لا يموت في نصوص بورخيس هذه بل موجود وبقوة.

عبارة : " ولاريب أن جميع الناس اعضاء في المجلس، فليس على الأرض من ليس عضوا فيه، ولكنني اعرف
انني عضو من نوع آخر، اعرف ذلك – والتكرارهنا للتأكيد على الإختلاف والتمايز- وهو ماجعلني انأى عن زملاء
 لاحصر لهم في الحاضر والمستقبل. 

في بداية القصة يتحدث الراوي عن الشعور بالوحدة، وثقل السنين والأيام، ثم يتحدث عن مجلس ما أويخترعه
 لتخفيف وطأة ذلك الشعور، وتذكير الذات بأنها جزء أوتنتمي لشيء ما ينتمي له الجميع، والإنتماء بلاشك يقضي
على الشعور بالوحدة، أويقلل منه كثيرا على اقل تقدير، ولكنه رغم ذلك، لم يفقد ذاته لحد الذوبان، لذا يدرك تمايزه. 

 وسرد الكثير من التفاصيل عن قصص مع الآخرين، محاولة للقول للذات انها كانت جزءا من ذلك و بالتالي هي ليست
 وحيدة، وهذه حيلة نفسية معروفة في علم النفس، تلجأ لها النفس بطريقة لا شعورية.

-فهل كان بورخيس موظفا لهذه المعلومة من علم النفس في نصه، أم جاءت منه بطريقة لا واعية.
وهنا نتذكر بأن بورخيس لا يفرق بين الحلم والواقع.

- المفارقة أن القصة التي يبدأ فيها الراوي بذكر انه وحيد، ويبتكر ذكريات لإنتماء ما، تفوق القصتين الأولين طولا
 وهذا يحسب للكاتب إلمامه بالأبعاد النفسية للشخصيات التي يكتبها، فنفسيا الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة، حين
يجدون فرصة للحديث فإنهم يسهبون فيه.




قصة ثمة أشياء اخرى:

ينتقل بين عدة مواضيع موت عمه،  دراسته للفلسفة، صديق عمه واهتماماته، القرية ووصفها، البيت، الشخص
 الذى اشترى البيت، العودة للحديث عن الراوي ذاته، العودة للحديث عن البيت، ويختم بتشويق لا ينهيه، وتظل
كقارئ في حالة هرولة مستمرة اشبه بسباق تتابع، ثم ينتهي السباق دون أن تعرف انك وصلت للنهاية.


قصة الرمل : مقتطفات تفتح معاني جديدة للقصة 

" يتكون السطر من عدد لا متناهي من النقاط، والصفحة من عدد لا متناهي من السطور، والكتاب من عدد
لامتناهي من الكتب، والمدونة من عدد لا متناهي من الكتب" 
" ليس للكتاب ولا للرمل أية بداية أو نهاية" 
" طلب مني الغريب، أن اجد الصفحة الأولى، وضعت يدي اليسرى على الغلاف، وفتحت الكتاب، محاولا أن
 أضع ابهامي على الورقة البيضاء الأولى، ولكنه كان جهدا بغير طائل، في كل مرة حاولت كان عدد من الأوراق
 تتناسل وتنمو من الكتاب. 
- الآن حاول أن تجد الصفحة الأخيرة
مرة أخرى فشلت.  وبصوت ليس صوتي تلعثمت : لا يمكن هذا 
متحدثا بالصوت الخفيض نفسه قال الغريب : لا يمكن لكنه موجود، فعدد أوراق هذا الكتاب لا متناهية، لا اقل ولا اكثر. 


ماذا لو قمت بإقتراح قراءة اخرى للقصة، لنجرب استبدال كلمات :
السطر،  الصفحات، الكتاب بكلمات اخرى هي : الأيام،  السنين، الحياة
اعتقد أنه لن يكون هناك أي اختلال في القصة،  بل على العكس من ذلك، ستنفتح أمامنا على
 معاني ومضامين اكثر عمق وغنى. 


------------------------------------------------
* قدمت ضمن أمسية لجمعية كلنا نقرأ في البحرين
عبدالخالق مرزوقي

07‏/04‏/2017

الذكر في النظام الأبوي، والخوف من حقوق المرأة


الكاتب: عبدالخالق مرزوقي

يمكن فهم خوف واستنفار بعض الذكور من أي خطوة سياسية حقوقية 
تمنح - الأصل أن الحقوق تؤخذ ولا تمنح- المرأة في المجتمع والدولة بعض الحقوق الأساسية على تضاؤل تلك الحقوق الممنوحة فعلا، من خلال فهم النظام الأبوي وطريقة عمله في المجتمعات. 

والاتفاق الضمني غير المعلن على استمراره سابقا، والذى ما أن بدأت بوادر 
لبعض التغيير فيه، ورغم أنها مجرد بوادر ولم تصبح توجها للدولة بعد، إلا أنها اثارت الخوف والهلع لدى " الذكر السيد " من تحولها لتوجه عام. 

من المعروف أنه في النظام الأبوي، أن هناك تراتب، وتسود علاقة السيد " الأب السياسي أو الإجتماعي أو الديني"، 
ورجل الدين وشيخ القبيلة اباء بهذا المعنى، بالمَسُود أي من يليه في المرتبة وتتسلسل العلاقة، من الأعلى للأدنى، وتجعل من كل فرد خاضعا بشكل شبه كامل لمن يسبقه في المرتبة. 

ولأن الذكر الفرد في مجتمعنا "عاجز" عن المبادرة والفعل تجاه من يعلوه في هذا النظام الإجتماعي، فإنه اعتاد التنفيس عن عجزه، ومحاولة اقناع ذاته "بقدرته " 
وبأنه ايضا سيد، لتحقيق بعض التوازن النفسي الداخلي، عن طريق اخضاع وممارسه منطق السيد والمَسود، الذى يمارس عليه، بممارس ذات الأمر مع من يليه في مرتبة. 

وفي مجتمعنا من يلي الذكر في هذا النظام الاجتماعي، والمسموح له - السماح له 
ليس منة بل له اسبابه ومنها استمرار استقرار هذا النظام الإجتماعي السائد ومنع تمرد الذكر الفرد عليه، لأن لذلك محاذيره، وقد يتغير الأمر من السماح له لرفضه اذا استشف أن استمرار السماح قد يؤدي لعدم الإستقرار- بممارسة دور السيد 
المهيمن عليهما هما المرأة، المقيم.

ومن هنا فإن هذه العصبية والشعور بالإستفزاز الذى يظهر على العديد من الذكور 
هو محاولة لإستمرار هذا النظام الإجتماعي، كي لا يُسلب السلطة الوحيدة الممنوحة له بشكل مطلق، والتي يمارس من خلالها دور السيد المهيمن، وإن شئنا القول دور الفحل، والفحولة ليست ذات معنى جنسي فقط، بل لها معنى ثقافي اجتماعي ايضا.

والسياسي هنا يحاول قياس الأمور ويوازنها، بحيث تبقى العلاقة مستقرة داخل 
النظام الإجتماعي وقد يلجأ لمنح حقوق لطرف اذا كان في منحها استمرار للتوازنفهو يرى القضية من باب الإستقرار، والمصلحة العامة والأثر المترتب اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. 

اما الذكر فهو هنا لا يرى القضية من باب الحقوق، واغلبها حقوق شرعية دينية 

 ايضا الواجب اقرارها، بل يراها من جهة انها تهديد شخصي للأمر الوحيد المسموح له أن يكون صاحب القرار فيه والهيمنة عليه، دون أن يتحمل تبعاتسياسية، دينية، واجتماعية. 

فهو لا يرى المرأة كإنسان، مساوي له، عوضا أن يرى لها حقوق، ولا يسمع 
الأصوات التي تطالبه برؤيتها كذلك، بل هو منصرف تماما لما يرى أنه تهديد شخصي مباشر لذاته المضطربة، ولمكانته داخل النظام السائد، من خلال حرمانه من الهامش الوحيد المسموح له بأن يمارس دور السيد القادر فيه. 

ومن اجل استمرار هذه السلطة على المرأة والهيمنة، نراه يستخدم كل الأسلحة 
السياسية والدينية والإجتماعية والإعلامية، فحينا يدعي أن تلك المطالبات تهديد لأمن الوطن، وحينا يعلن أنها خروج على تعاليم الدين، وفي احيان اخرى يعلن انها تهديد لاستقرار الأسرة والعلاقات بين افرادها. 

ولا انفي هنا أن هناك محاولات لإستغلال قضايا الحقوق، وخاصة حقوق المرأة من اجل الإبتزاز السياسي للدولة، وهذا بلاشك مرفوض تماما، ومن يطالب 
بالحقوق عليه أن لا يسمح لتلك المحاولات بتشويه قضيته العادلة، أو السماح لها بأن تسئ للبلد، وافضل طريقة لمنع محاولات الإبتزاز السياسي، هي انهاء هذه القضايا العالقة.


05‏/04‏/2017

كما يمر دمشقي بأندلسي


الكاتب: عبدالخالق مرزوقي

امر باسمك اذ اخلوا الى نفسي
كما يمر دمشقي بأندلسي"

هذه البيت لمحمود دوريش والذى غناه بعذوبة
مارسيل خليفة من اعمق واروع ما قيل في وصف الشوق

احتوى في عبارة واحدة تاريخا كاملا
يجعل صور مدن الأندلس حياتها، قصورها، فنها، شعرها
طبيعتها، ابن زيدون وولادة، تداعى جميعها في المخيلة
من خلال اربع كلمات فقط " كما يمر دمشقي بأندلسي"

واستخدام اسم دمشق منح الجملة بعدا عميقا جدا
لم تكن ليمنحها إياه اسم أي مدينة اخرى في العالم
حيث الرابط هو تأسيس الدولة الأموية في الأندلس
كإمتداد للأموية في الشام،  أي كأن الشامي العابر
للأندلس تثير فيه احاسيس ومشاعر الحنين والشوق
الجارف لأرضه.