14‏/11‏/2020

عرض كتاب: الجماعة واللاوعي

 

اسم الكتاب: الجماعة واللاوعي






المؤلف: ديديه أنزيو
المترجم: د. سعاد حرب
الناشر: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع 


    هو من اهم الكتب التي وضعت، حول الواقع النفسي للجماعات الإنسانية
    ويمكن اعتباره عملا أساسا في البحث في مادة التحليل النفسي الجماعي
    يركز المؤلف على مفهوم " الخيال الجماعي"، فللجماعة نفسيتها الخاصة
    المختلفة في ظل بعض الشروط، وفي بعض الأحيان، عن نفسية الأفراد 
    الذين يؤلفونها أو الذين يعارضونها، ومن اجل توضيح هذه النفسية، ينطلق 
    المؤلف من المماثلة بين الجماعة والحلم، فهي تقوده إلى وصف وتحديد 
    موقع العديد من السياقات الهوامية التي تشكل خلفية حياة الجماعات: 
    الهوام الجماعي، الجماعة – الفم، هوامات الكسر، الجماعة – الآلة
    المقاومة المفارقة المدمرة للذات، الإختلاجات الناتجة عن الصورة 
    الأبوية أو عن الأنا الأعلى.



    تعليق: يستمد الكتاب قوته من كون الدكتور (ديديه أنزيو)، متخصص في 
    هذا المجال واستمد مادة الكتاب، من دراسات ميدانية، مباشرة، على 
    الجماعات سواء جماعات مكونة بشكل مسبق، كجماعة إدارة احد المصانع 
    الصغيرة أو جماعات تم تكوينها، وتحفيزها، من بيئات تنظيمية وخلفيات 
    ثقافية مختلفة، لغرض الدراسة والبحث.



اقتباسات من الكتاب

- "الجماعة غلاف، يضبط الأفراد معا، ومن الممكن أن نجد، طالما هذا 
الغلاف غير متشكل، تراكما بشريا، وليس جماعة.
ما هي طبيعة هذا الغلاف؟ يشدد علماء الاجتماع الذين درسوا الجماعات 
والإداريون الذين ساسوها، والمؤسسون الذين خلقوها، يشددون على 
شبكة القوانين الضمنية والظاهرة، والعادات المتبعة، والطقوس والأفعال
والوقائع، والتي تمتلك قيمة مرجعية، وعلى تخصيص الأماكن داخل 
الجماعة، وعلى خصوصية اللغة المتبادلة بين الأعضاء، والمعروفة 
منهم فقط. 
"إن غلافا حياً.... هو غشاء ذو وجهين، يتجه الأول نحو الواقع الخارجي 
الجسماني والإجتماعي، لا سيما نحو جماعات أخرى متشابهة أو مختلفة 
أو متناقضة، فيما يخص نسق قواعدها، وبهذا الوجه تُشَيٌد الجماعة سداً 
حامياً ضد الخارج، يعمل، إذا امكن، كراشح للطاقات التي يجب استقبالها 
وللمعلومات التي يجب تلقيها، ويتجه الوجه الآخر نحو الواقع الداخلي 
لأعضاء الجماعة، .... وبوجهه الداخلي، يسمح الغلاف الجماعي بإنشاء 
حالة نفسية متعدية الفردية، والتي اقترح تسميتها ب "ذات الجماعة"
فللجماعة ذات خاصة، وهذه الذات خيالية، وتؤسس الواقع الخيالي 
للجماعات.


"بإمكان جماعة أن تجد غلافها النفسي في أنا مثالية مشتركة، وهذه 
 هي ظاهرة الوهم الجماعي."
"تأويل الصمت: يعبر الصمت الجماعي المستمر أو المتكرر، عادة 
عن قلق اضطهادي، أمام ظرف الجماعة التي تعاش كأم سيئة، يُحمَل 
التأويل عندئذ على وجود خوف غير معترف به في ذهن المشاركين
خوف من الكسر.



    تعليق: نلاحظ هذه الظاهرة، اعني ظاهرة الصمت، في العديد من اللقاءات

    الملتقيات، الإجتماعات، ورش العمل، بغض النظر عن نوعها، رسمية 

    غير رسمية، أو مكان انعقادها، وتشمل مروحة واسعة، من اللقاءات

    العائلية في مكان محدد، إلى الإجتماعات التي تعقد داخل منظمات الأعمال

    أو غيرها، حيث يكون فرد ما، يقود الجماعة، أو يديرها، مشكلا "صورة

    الأب"، فيما يبقى اعضاء الجماعة، غير مشاركين بفعالية، ما لم يتم حثهم

     وحتى في تلك الحال، وكلما قلت سلطة الفرد، فإن تلك المشاركات

     تبدو وكانها تستبطن حالة نفسية دفاعية.


"الجماعة هي المشاركة في التمثلات، وفي المشاعر والإرادات، وفي
 الجماعات كما عند الأفراد، على التمثلات، أي الإدراكات الحسية والأفكار
 أن تراقب المشاعر وأن تأمر الإرادات.

"يتم سلوك جماعة ما على مستويين، الأول هو المهمة المشتركة، والثاني
في مستوى الإنفعالات المشتركة، يكون المستوى الأول عقلياً وواعياً، إذ 
لكل إذ لكل جماعة مهمة تتلقاها سواء من التنظيم الذى ترتبط به
أو تنوطه هي بنفسها، فيما المستوى الثاني يتميز بغلبة السيرورات 
النفسية "الأولية"... يسميها (بيون Bion) "افتراضات القاعدة"، وهذه
الحالات الشعورية قديمة، ونجدها في شكلها الصافي في الذهان، ومنها: 
التبعية: تطلب الجماعة، عندما تعمل على هذا الإفتراض، من الزعيم
أن يحميها، ولا يمكن أن تدوم من غير أزمات، إلا إذا قبل القائد الدور 
والسلطات التي تعينها له الجماعة، وإذا قبل الواجبات التي تنتج عنهما. 

     تعليق: الزعيم هنا، يُقصَد بها من يقود أي جماعة اجتماعية، بغض النظر 
     عن نوعها سواء كنا نتحدث عن عائلة معينة، أو إدارة في منظمة، إلى 
      قيادة دولة كاملة، وعندما يعمل اعضاء تلك الجماعة بذهنية التبعية
      فإن اعضائها يضمرون ذهنية تُعَرِف عن ذاتها، بعدم الفعالية 
      والقصور، وغير قادرة على المبادرة، وهنا فخ، قد يقع فيه من 
      يقود الجماعة، بطريقة لا واعيه، حين يقبل، أن ينساق ضمنيا
      لتلك المخاوف، والتي تلقيها الجماعة عليه، وتكلفه بها، فيتحول اذا 
      كان الحديث عن إدارة في منظمة اعمال، أو جماعة خاصة، لها 
      تنظيمها الخاص، داخل المجتمع العام، مثلا كجمعية معدة لغرض ما
      أو كنقابة أو حزب، إلى لعب دور زعيم قبيلة بدائية تضم "اتباع"، امام
      زعماء قبائل اخرى، اكثر منه لعب لدور قيادة "اعضاء مسؤولين" في 
      جماعة ما.

"المعركة - الهرب : يشكل رفض افتراض التبعية، من قبل المرشد، خطرا 
على الجماعة، إذ تعتقد حينئذ أنها غير قادرة على البقاء على قيد الحياة، وفي 
مواجهة هذا الخطر، يجتمع المشتركون بوجه عام إما للصراع أو الهرب..
 ..لقد أرادت الجماعة أن تبرهن أنها غير قادرة على أن تدير شؤونها لوحدها" 


     تعليق: هنا عندما يرفض من يدير الجماعة، رغبتها في التبعية، ولا تجد 
     من تلقي عليه بمخاوفها، لتتخلص منها، ترتد داخليا، إلى ذاتها كجماعة
     وتتحول إما إلى الصراع، بين اعضائها، حول الأدوار والمسؤوليات 
     خاصة في اللقاءات تضم جميع أو غالب اعضائها، أو هربهم من تحمل 
     تلك الأدوار وفي الحالتين، يشكل ذلك نداءا خفيا، لمن يقودها، كي 
     يتخلى عن رفضه لتبعيتها وقصورها.


التزاوج: يؤدي موقف المعركة - الهرب، في بعض الأحيان إلى تكوين 
جماعات تحتية أو أزواج. 

    تعليق: يُقصَد بالجماعات التحتية أو الأزواج هنا، انقسام الجماعة الواحدة
    إلى جماعات ضمنية مختلفة، واصغر عددا، داخل الجماعة الأصلية
     وتحاول كل جماعة تحتية، أن تجد "أب" جديد، من بينها، بديلا عن قائد
 
     الجماعة الكبرى، كي تلقي عليه تبعيتها وهواماتها.



"الجماعة تهديد أولي للفرد، لقد قادتنا تجارب، إلى تحديد فكرة أن 
الجماعة هي تهديد أولي للفرد، والحال، لا يوجد الكائن الإنساني 
إلا إذ شعر بوحدته وحدة جسده ووحدة نفسيته"

"الجماعة فم، الهوامية الشفوية في الجماعة"



     تعليق: عبارة الجماعة فم، تشرحها عبارتي المؤلف في ذات الفقرة: 

     "الجماعة تغذينا"، و"الجماعة تأكلنا"، وتغذينا هنا تشمل كل انواع 

     التغذية، المخاوف، الخيالات، الهوامات، الأنا المشتركة، الرغبة في 

     التبعية، وكذلك فهي كجماعة تأكلنا كأفراد، تلغي ذواتنا، وتدمجها

     في "أناها" المتخيل المشترك، أو المتوهم .


    "أليس كل تكوين (Formation) هو تشويه (Deformation) بنموذج 
     مفروض من الخارج؟ أليس استلاباً للفرد؟ ... ألا يحاول هذا التكوين 
     قولبة نمط المرء، ونمط من العلاقات الإنسانية المحدد سلفاً؟ 

ما يجب أن نتعلمه من أحد ما – وهذا ما ينطوي عليه التكوين – لا نمتلكه
إلا بعد أن نكون قد استقلينا عنه، بعد أن نقتل رمزياً سطوة صورته، وفي 
نفس الوقت صورة سطوته"

   تعليق: هنا المعنى يدور حول أنه يجب أن نتوقف عن الحديث، بلسان 
   المعلم ولغته - أيا كان من نتعلم منه، ونوع المعرفة - أن تقتل ذات المعلم
   داخلنا، ونبدأ في التحدث بلساننا نحن، ولغتنا، بدون ذلك سنبقى متلقين 
    سلبيين، واقصى ما سنصل إليه، هو استمرار تدوير لغة المعلم وذاته. 


    "هناك صراع ضد الندرة – في الجماعات – إذ يخشى كل واحد، أن يكون 
    "فضله"، يجب أن يزيلها الآخرون، "فم لا نفع منه"، من هنا تصمت افواه 
     كثيرة، عند بداية الجماعة، لأنها تشعر أنها غير مفيدة، وأنها إذا تكلمت 
     فسيلفت ذلك انتباه المنافسين " المبيدين" نحوها" 

"يعمل، إنتاج الوهم في الجماعات، بواسطة سيرورة اخراج مماثلة أيضا
 لتلك التي تعمل في الحلم،...فالحلم شأنه شأن العارض، هو تكوين لتسوية
 بيت الرغبات اللاواعية وأولويات الدفاع، التي تكون لا واعية بشكل عام" 
- "في كل لقاء بين اثنين أو عدة كائنات، إما تنطوي الذات الإنسانية على 
نفسها لحماية هويتها المهددة، وهواماتها الشخصية اللاواعية، وإما تضع 
في الأمام احد هذه الهوامات لتجعل الآخر أو الآخرين، يدخلون في لعبتها" 
- "ما هو الهوام الفردي؟ انه سيناريو خيالي، يلعب بين عدة اشخاص
 وتكون الذات حاضرة، بوجه عام كمشاهدة وليس كفاعله"