08‏/05‏/2017

قراءة في مشهد اجتماعي

قراءة في مشهد اجتماعي

كتبت هذه القراءة من وحي مقطع فيديو مصور موجود في هذا الهاشتاق
#بذاءه_راكبة_كريم_ضد_سعودي والتعليقات المصاحبة له.

هذه الحادثة تمنحنا صورة واضحة عن اهم مشكلتين في العلاقة بين المرأة والرجل
 في ظل النظام الإجتماعي الأبوي السائد في مجتمعنا

وهما: أولا مشكلة عدم وجود لغة مشتركة بين المرأة والرجل في المجتمع - اللغة ليست مجرد
كلمات منطوقة- بسبب العزل الإجتماعي لكل طرف عن الآخر من ناحية وهو عزل على عدة
مستويات، اجتماعي، شعوري هذا العزل، جعل هناك صعوبة في فهم وتفهم تفكير ومنطلقات
كل طرف واسبابه ومبرراته لدى الطرف الآخر يضاف لذلك الخطاب الديني والثقافي السائد
 الذى جعل أي اتصال مباشر يغلب عليه التوجس، والتحفز وسوء الظن في حالات عديدة.
واذا اضفنا لذلك ما ينقل في وسائل التواصل من مشكلات اجتماعية، جعلت التحفز والتوتر
يرتفع بشكل كبير.

المشكلة الثانية هي بسبب كون المجتمع ابوي، تتعدد فيه مستويات السلطة، ويوجد الذكر فيه في
 مستوى أعلى من المرأة والطفل وغير السعودي، وهذا النظام الإجتماعي الأبوي يحدد شكل
العلاقة والسلطة بين كل مستوى وآخر، لذا حاليا عند بداية انفتاح المجتمع على اشكال جديدة من
الإتصال بين الجنسين، لأسباب اقتصادية، ثقافية، اجتماعية، نرى أن تفكير كل طرف غالبا يعكس
 من ناحية أو اخرى ايضا موقعه، داخل النظام الإجتماعي، فالرجل كونه في موقع اعلى اجتماعيا.

 فهو في اللاوعي مازال لا يتقبل أن توجد امرأة صاحبة سلطة،تفرض عليه امرا ما، أو تحاول
أن " تستفز ذكورته"  وردت فعله تكون لاواعيه غالبا، لأن تهديد موقعه الإجتماعي هو الدافع
الأساسي وإن لم يعي ذلك، فيما المرأة خاصة الأجيال الشابة، التي تحاول بقوة تغيير النظام
الإجتماعي السائد بقوة ليكون اكثر عدالة وتجد ذاتها فيه، نرى ردات فعلها في بعض المواقف
راديكالية، سواء بفعل سنوات العنف سواء الحقيقي أو الرمزي ضدها، أو بسبب الطبيعة المتمردة
لدى البعض وبسبب ما يقوم/بعض الذكور من فعل، لإبقاء النظام الأبوي دون تغيير.

فالرجل في المقطع، يمارس عمل سائق، وهذا يتطلب منه سلوك معين تجاه عملائه، لكنه في
عقله الباطن يرفض هذا السلوك الجديد، لأنه يرى هذه المهنة ومسماها غير لائق به اجتماعيا
 وبالتالي يريد من عملائه ألا يرونه إلا من خلال ما يرى هو ذاته من ناحية،  ومن خلال
موقعه كذكر في علاقته بالنساء " الحريم" من ناحية أخرى.

والنساء في المقطع ايضا، وبحكم كون المرأة في ذات النظام الإجتماعي السائد، في موقع اعلى
 من غير السعودي، ومهنة السائق في العادة هي لغير السعودي، فتقوم بردة فعلها بناء على
ما اعتادت ممارسته تجاه من هو اقل منها، حيث لم تقبل أي معارضة لما تريد من فعل

كذلك وبسبب التحفز الحالي لردود كل جنس تجاه الآخر وما يحدث في وسائل التواصل، جعلتها
ترى في فعله انه اعتداء تجاه حقوقها كإمرأة، وليست حادثة فردية منفصلة، وبالتالي اتت ردة
الفعل منها بمقدار ذلك التحفز اللاواعي الموجد لديها.