02‏/11‏/2014

الحسين الذى مازال يستشهد كل يوم




هذا الموضوع ليس للحديث عن اسشهاد الحسين رضي الله عنه كحدث
بل عن القضية التي خرج من اجلها الحسين , والتي اراها مغيبة على
المستوى العملي في مجال التعامل بيننا كبشر

وقائمة الذين ما زالوا يستشهدون كل يوم طويلة قبل الإمام الحسين

رضي الله عنه وبعده

الحسين رضي الله عنه خرج من اجل ترسيخ عدة امور اهمها
عدم السكوت والخضوع للظلم وتكريس الأمر الواقع , والنطق بالحق
مهما كانت النتيجة , وكذلك غاندي الذى مضى في مسيرته المقاومة

السلمية. والهدف في الحالتين واحد

الآن كلنا نحزن لإستشهاد الحسين , وكلن بطريقته لكن من منا يستلهم

المبادئ التي استشهد الحسين من اجلها اتحدث هنا بحثا عن واقع عملي
على الصعيد الشخصي أولا وقبل أي شئ آخر

من منا يرفض الظلم منه تجاه الآخرين ؟ وهؤلاء الآخرين قد يبدأون

من الإخوة والأبناء، من ينطق بالحق ولو كان في ذلك مضرة عليه،أو
حتى تفويت مصلحة له؟ هل ننصف الآخرين من انفسنا ؟
هل اغلبنا لديه استعداد للوقوف ليس في وجه حاكم ظالم
بل اقل من ذلك , في وجه مدير ظالم ؟
هل بيننا من يقدم الحق على السلامة ؟
جميعنا نشاهد مظالم من افراد تجاه افراد سواء قريبين
أو لا نعرفهم , ونتصرف غالبا وكأن الأمر لا يعنينا

ألسنا جميعا , أو اغلبنا على الأقل نخذل كل من يستشهدون أو يعتقلون

من اجل قضايا انسانية عادلة منذ الإمام الحسين لليوم على الصعيد

العملي البسيط رغم أننا نتحدث عن انتصارنا لهم سواء كأشخاص

أو كقيم ومبادئ والسلام .

24‏/10‏/2014

عبد الخالق المرزوقي: السلفية.. بين التقويض وإعادة البناء


عبد الخالق المرزوقي:
نشر في صحيفة التقرير


قدم الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس رؤية قبل سنوات كان مضمونها أن 

المستقبل للدين العاقل. ورغم اختلاف سياق هذا المقال عما تحدث عنه هابرماس
إلا أن هناك تقاطعا لهذا المقال مع تلك الرؤية مع اختلاف نسبي في المضمونين.


وأعتقد أن السلفيين قبل غيرهم من المفترض أن يعنيهم الحديث والنقد الموضوعي 

وبيان الخطايا والأخطاء التي أوقع السلفيون السلفيةَ فيها. وإن وجود نقد من جهة 

وهجوم من جهة أخرى بناء على خصومة فكرية مع السلفية لا ينبغي أن يعمي 
عن الحاجة للمراجعة والنقد الداخلي. ومطلوب منا جميعا اليوم حين نتحدث 
عما أصبحت عليه السلفية تحري الموضوعية وممارسة النقد الصريح الشفاف 
فهما السبيلان الوحيدان لإخراج السلفية من مأزقها الواقعة فيه.

لكن، وكما هو واضح للجميع، فإن النقد للسلفية من داخلها ضعيف جدا وشبه 

نادر قد يكون بعضه بسبب خشية تصنيف، أو اعتقاد بأنّ هذا ليس زمن النقد 
فيما هي تتعرض للهجوم أو غيرها من الأسباب. في هذا المقال سأتحدث 
عما أعتقد أنه أكبر مشكلات السلفية في العصر الحالي. وهي كما أرى اكبر
 من أن تكون مشكلة بل أصبح مأزقا له جوانب كبرى أصبح المنهج السلفي 
أسيرا له ولتفرعاته

الجانب الأول هو في تعريفها لذاتها ولرموزها. فالسلفيون يطلقون على أنفسهم 

هذا المسمى كاتّباع للسلف الصالح من النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة 
والتابعين ويرسخونه، فيما هم أقرب نظريا وعمليا لمسمى أهل الحديث، وحتى
في هذه لديهم إشكالية كبيرة؛ فهم لو أردنا التسمية الدقيقة "حفاظ أحاديث"
وليسوا أهل حديث كما كان يُسمّى السابقون.

فعلى المستوى العملي السلفي التقليدي، يحفظ أحاديث النبي -صلى الله عليه 

وسلم بالدرجة الأولى ويحاول تطبيقها حرفيا دون فقهها ودون النظر لمقاصدها
بل إن الحديث يقدم أحيانا على القرآن الكريم.

ثم يطبق بانتقائية سنه الأئمة أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم من المتقدمين

 ومحمد بن عبد الوهاب من المتأخرين وعبد العزيز بن باز وابن عثيمين حديثًا
رحمهم الله جميعا. ويستبعد على المستوى العملي كثيرا مما لا يروقه من أقوال 
وأفعال الصحابة وآراء وفقه بقيه علماء المسلمين وإن لم يصرح بذلك نظريا.

أي هو يمارس الاتباع الحرفي للسنة أولا ثم للقرآن، دون إعمال كبير للعقل 

فيهما اجتهادا، حتى وفق المفهوم الديني للاجتهاد، ويلغي اختلاف الحال والبيئة 
والزمان والمكان، وهذا أهم أسباب الجمود الفكري الحالي للسلفية أمام مستجدات
الحياة العملية.

وجميعنا يعلم تمامًا موقف السلفية التقليدية أمام كل ما يستجد في العصر منذ 

بداية تأسيس السعودية لليوم، وجزء من هذا يعود تاريخيا لظروف نشأة تيار 
أهل الحديث أساسا والذي واجه في بداياته تيارات فكرية تقدم العقل على النص 
وبعضها بهوى وتطرف؛ فكان الرد بتقديم النص وإلغاء العقل. أي الرد على 
خطأ أو تطرف بخطأ أو تطرف آخر. وأستثني ابن تيمية هنا في مجالات 
عديدة من فكره.

الجزء الآخر من هذا الجمود يعود لنشأة فكر محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

فالبيئة والأحداث التي رافقت مسيرة حركته وما تلاها تميزت بالصراعات 
الدينية والسياسية مع الانعزال الداخلي وشبه انقطاع عن التواصل الفكري 
الديني مع بقية مناطق العالم الإسلامي، واستمر هذا الانعزال الفكري الديني 
إلى عقود قريبة ومن المعروف أنه في بيئة الصراع السياسي والديني والتشدد 
الاجتماعي غالبا ما يؤثر هذا على الاتجاه الديني من ناحية انفتاح/ تشدد، وعلى
النظرة للآخر.

الجانب الثاني من مأزق السلفية الحالية هو غياب وقلة الفقهاء المجتهدين والفقه 

وإعمال الفكر في الحركة السلفية، وهذه أيضا إحدى المشكلات التي رافقت أهل 
الحديث من زمن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وهو الذى يصنفه بعض 
العلماء كمحدث وليس كفقيه، وهذا لا يقدح فيه بلا شك.

وهذه المشكلة تحولت لمأزق ازداد وضوحا في العقود الأخيرة، خاصة بعد 

الإمامين عبد العزيز بن باز وابن عثيمين رحمهما الله، هذا الغياب للفقه والفقهاء 
في العصر الحديث أدى لتصدر بعض المُحَدِثين والوعاظ للمشهد السلفي محليا 
وعربيا وتحقيقهم لجماهيرية كبيرة رغم قلة حصيلتهم المعرفية الفقهية والفكرية 
دينيا وسياسيا.

يضاف لذلك ضعف التأهيل الفقهي والفكري في الكليات الشرعية، مما ساهم 

في تكوين أجيال من الشباب السلفي القوي من الناحية العقدية والضعيف بل 
الهزيل من الناحية الفقهية والفكرية سواء في الفقه الديني أو في فقه الواقع 
بأقسامه السياسية والاجتماعية.

قلة الحصيلة المعرفية والفقهية وعدم القدرة على مخاطبة العقل بطريقة مقنعة 

له وتطوير الوعي، جعلت السلفي خاصة الداعية والواعظ يلجأ للخطاب 
العاطفي والبكائيات كي يكون مؤثرا.

وهذه وإن كان لها تأثير كبير في جذب الشباب والمجتمع للخطاب الديني في فترة

ما إلا أن سحرها قد بطل في السنوات الأخيرة مع ازدياد الوعي والثقافة ووسائل
التقنية من جهة، وعدم قدرة السلفية على تطوير فكرها وخطابها وأدواتها من جهة أخرى.

وهذا يظهر أكثر ما يظهر في دول الخليج، خاصة السعودية عكس الدول العربية 

خارج الخليج التي كسبت فيها السلفية أراضي جديدة لأسباب عديدة، منها أن 
الإنسان المتدين البسيط في تلك المجتمعات ما زال يتعرف على السلفية وخطابها 
العاطفي مع مصاحبة ذلك لسأمه من الخطابات القومية وغيرها من الخطابات 
المفلسة، وإن كان هذا المكسب والرصيد بدأ جزء منه يتبدد، خاصة في مصر 
نتيجة لمواقف بعض التيار السلفي المساندة للانقلاب.

الجانب الثالث من أزمة السلفية المعاصرة هي في كونها تحولت هي ورموزها 

التقليدية إلى أداة في يد الأنظمة الحاكمة، ضد المجتمعات لضبطها من ناحية
وضد خصوم تلك الأنظمة من التيارات الأخرى من ناحية ثانية؛ فأصبحت 
السلفية التقليدية في فقهها السياسي العملي تقدم الحاكم مقدسا معصوما لا يُسأل
عما يفعل.

وتقوم بتطويع الدين ونصوصه لخدمة عصمة الحاكم وتبرير أعماله وإلباسها 

لباس الدين، وإرهاب المجتمع بإنتاج نسخة من الدين تقف سدّا أمام حقوق 
وحرية المجتمع والشعوب سواء على المستوى الفردي أو على مستوى الحقوق
 من الحاكم.

وبالمقابل يقوم الحاكم بتسهيل سيطرة رجل الدين التقليدي على المجتمع، كنوع 

من تبادل المنافع، وهذا أدى لظاهرة خطيرة وهي أنه أصبح النفور من رجل 
الدين أو من يقدم نفسه كممثل للدين أو حارسا له يتحول لنفور من الدين ذاته، بل 
هناك من لم يعد يفرق بين رجل الدين وخطابه وسلوكه وبين أساس الدين ذاته 
ونصوصه وأصبح يتعامل معهم كشيء واحد وينسب للثاني كل سيئات الأول.

المفارقة أن رموز السلفية والمقدمين لديها كرموز كالأئمة احمد ابن حنبل 

وابن تيمية رحمهم الله اشتهروا وبرزوا بأنهم مناضلون -بلغة اليوم- ضد 
الحكام واستبدادهم. وهذا يقودنا اليوم للنظر إلى المسافة الواسعة التي 
أصبحت بين جزء من الخطاب النظري للسلفية المعاصرة، تجاه تمجيد أحمد
بن حنبل وابن تيمية ونضالهما والإشادة به وبصبرهما في الحق وشجاعتهما 
في قول كلمة الحق من جهة، وبين الممارسة العملية المعاكسة تماما لذلك 
الفعل، المعارضة له في الجزء النظري الآخر من خطابها الداعي للطاعة
شبه المطلقة للحاكم. فأصبحنا أمام حالة من الازدواجية النافرة لا أعلم كيف 
يستطيع حاملها الجمع بين هذين النقيضين .

ونأتي للجانب الرابع من أزمة السلفية، وهو أنها تعيش في يوتوبيا خيالية. السلفية 

خلقت هالة كبيرة من التقديس حول العصر الأول من الإسلام تحديدا فترة النبي 
-صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين. وصورت لمعتنقها أن ذلك العصر هو
 المثال الذى لا بد من العمل للعودة إليه، سواء على صعيد التدين الفردي أو العام 
وأي شيء أقل من ذلك هو تقصير وقدح في التدين.

ونعلم مقدار القصص التي تُساق عن من كان يختم القرآن في عدة ليالٍ، وعمن 

تتخضب لحيته بالدموع عن قراءة القرآن وعن مقدار التقوى لدى من عاش ذلك 
العصر، وهنا لست في مقام إثبات تلك القصص أو نفيها فليس هذا مجال حديثي
بل بيان تلك اليوتوبيا الذى يتم غرسها في ذهنية معتنق السلفية حول ضرورة 
العودة لتدين ذلك العصر وأمجاده وعزته وفتوحاته وعدله.

لذا نرى السلفي دائما مشغولا بضرورة إعادة إنتاج الماضي في المستقبل. وهذه 

استحالة، وكل ذلك يتم بأسلوب عاطفي لا يحمل وعيا بالماضي وظروفه 
ولا للمستقبل واشتراطاته.

وحين اصطدام الشباب بالواقع يبدأ الاتجاه لأحد مسارين؛ إما محاولة إجبار

المستقبل على العودة للماضي بالقوة، وهذا يأخذ في العادة أشكالا عنفية في 
التغيير وإما يأخذ مسار التشكيك في الماضي والبحث عن مستقبل مختلف.

إذن، هل من حلول إنقاذية؟

هو سؤال كبير ويتطلّب عملا جبارا وتجردا وفكرا واعيا وتقديم ضرورة دخول 

الفكر الديني السلفي إلى المستقبل بوعي ورؤية وأدوات وخطاب مختلف جذريا 
عما هو عليه الآن، وإلا سيظل يدور في حلقة من الأزمات التي يخلقها لنفسه 
وللمجتمع .

هناك عبارة شهيرة تتردد تقول: “لا يمكن حل مشكلة بنفس التفكير الذى 

أوجدها لذا كما أرى أنه باستمرار رموز السلفية التقليدية الحاليين من رجال 
دين أو دعاة أو وعاظ، سواء من كانوا "يحتلون" مناصب دينية رسمية 
أو لا -مع بعض الاستثناءات-، فإنه لا يمكن إخراج السلفية من مأزقها، بل 
استمرارهم في تصدرالمشهد يفاقم ذلك المأزق ويعمقه.

ولا حل إلا بوجود جيل جديد أكثر فقها وأكثر وعيا للواقع بجميع جوانبه وأكثر 

انفتاحا على الأفكار سواء كانت أفكارا دينية أم غير دينية، وليس لديه ذلك 
الانغلاق في تقبل كل جديد وغربلته والخروج منه برؤية تخدم الدين والدنيا 
والمستقبل معا.

قوة الفكرة السلفية تكمن في رؤيتها العقدية -كما أرى وأعتقد-، وهي الأساس 

الذي انطلقت منه، وباعتقادي لا توجد أطروحة في العقيدة توازي الأطروحة 
السلفية في القوة وفي احترام العقل والنص معا.

وهذا يسهل كثيرا عملية الإصلاح الديني والفكري في السلفية، فرسوخ الأساس 

وقوته يجعل الانطلاق أكثر ثقة وأسهل ولا يحتاج لجهد كبير فيما لو كان أساس 
الخلل في أصل العقيدة.

لكن هذا لا يعني أن تلك الأطروحة في العقيدة لم تدخل عليها أفكار وآراء جعلت 

كثيرا من أمور الشريعة والفقه التي يسعها الدين ورحمة الاختلاف داخلة من 
أمور العقيدة. ويتم التعامل معها من قبل السلفية التقليدية على أنها أمور عقدية 
تدخل في باب الإسلام أو الشرك والكفر، لذا علينا إرجاع تلك الأمور والآراء 
البشرية المختلف عليها إلى أصلها. ومن ذلك تضخيم عقيدة الولاء والبراء، وأن
يكون الأصل في التفريق بين ما هو داخل في العقيدة وبين غيرها هو كتاب الله 
وسنه النبي -صلى الله عليه وسلم- “الصحيحة، المتواترة، الموافقة لصريح 
القرآن”، وألا تقبل أحاديث الآحاد في العقيدة.

أما في الجانب الفقهي، فعلى السلفية الانفتاح والاجتهاد حتى في النصوص 

الشرعية المتعلقة بحياة الناس عبر إعادة قراءة لها، لا تخرج عن مضمون 
النص من جهة وتراعي الواقع من جهة أخرى، وتهتم بمقاصد الدين العامة
وكذلك عدم احتكار الرؤية والحق لها وحدها، وإعادة القراءة هذه لا يمكن أن
 تعبر السلفية الحالية للمستقبل دونها.

وهذا يتطلب أيضا إعادة النظر في طريقة التكوين العلمي النظري في الجامعات 

والكليات الشرعية، فلا يعقل ألا يكون طالب الكليات الشرعية اليوم غير ملمٍّ 
بالنظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في العالم، ولم يدرس 
المنطق والفلسفة والقانون دراسة إلمام وافٍ من باب المعرفة والتفاعل معها 
ودمجها بما يحصل عليه من معرفة دينية. وليس المرور عليها من باب التعرف
 على “الفرق الضالة والتيارات المنحرفة”.

كذلك يجب تحرير الدين عمومًا والسلفية خصوصًا من الأنظمة السياسية، وأن

 تحصل على استقلالها كمؤسسات دينية وكأفراد عن الدولة كمؤسسة، فهذا 
الارتباط قد أساء للدين ولها كثيرا وأضر بهما بشدة.

وهنا لا أدعو لفصل الدين عن المجال العام، كما يردد بعض من لا يفهمون 

الدين أو العلمانية أو المجتمعات على السواء، أو عن الدولة على النمط العلماني
 الغربي. بل لاستقلالية المؤسسة الدينية عن الدولة تنظيميا وماليا، وألا يكون 
للسياسي قرار عليها، وهذا ممكن لكنه بحاجة لاقتناع مشترك من الطرفين 
الدولة والمؤسسة الدينية.

وهناك موارد يمكن لها تأمين الاستقلال المادي بعيدا عن ميزانية الدولة والتحكم 

في المخصصات من قبل السياسي. ولضمان ألا تكون هناك أيضا هيمنة مقابلة 
من المؤسسة الدينية على الدولة، يجب توضيح دور ومجال وحدود كل منهما. 
هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يكون هناك فصل بين الوظيفة أو الدور الديني 
لرجل الدين وبين دوره السياسي، هذه الاستقلالية ستفيد الدين والدولة والمجتمع
 معا.

وبمناسبة الحديث عن الاستقلالية تابعت بعض الحديث الذى يثار حاليا حول

الاكتتاب في أحد البنوك، بين من يحرم الاكتتاب ومن يجيزه. لا يعنيني من 
الأمر إلا مفارقة توضح حجم الإساءة للدين التي تجري تحت مسمى اللجان 
الشرعية في البنوك، فكيف يكون لرجل الدين غير متخصص أو مؤهل 
اقتصاديا أو في العلوم المالية مخصصات مالية من بنك تجاري أيا كان اسمه
وبمبالغ كبيرة، ثم يطلب منه أن يفتي بكون أعمال البنك ذاته شرعية من 
الناحية الدينية أم لا؟ أي استقلالية ستبقى له؟ وأي قانون يقبل تضارب 
المصالح في هذه الحالات؟

في الجانب السياسي للسلفية مشكلة كبيرة في قضية الحكم والدولة والعملية 

السياسية برمتها. فهي للآن ما زالت تعيش على وهم إعادة زمن الخلفاء 
الراشدين في الحكم أو مسمى الخلافة بشكلها ذلك. وهذا من ناحية الواقع 
مستحيل، لكنها لا تعيش الواقع بل مشدودة للمثال وتصر على أن يعيش 
أتباعها غير الواعين منفصلين عن الواقع واشتراطاته والعيش خارج الزمان
 والمكان ذهنيا.

ما أؤمن به أنّ الإسلام لم يأت بنظام سياسي أو اقتصادي أو طريقة في الحكم

وترك كل ذلك للناس في كل زمان ومكان أن يختاروا نظامهم وطريقة حكمهم. 
كل ما لدينا هو أسس وقواعد عامة من ضمنها الشورى لكن التفاصيل متروكة 
لنا تماما.

وهذا أحد مصادر قوة الإسلام، وما يجعله صالحا لكل زمان ومكان. لذا

لا مبرر من الناحية الدينية لهذا الموقف السلفي المبدئي من الديمقراطية 
وأدواتها، وكل منجزات العقل البشري في مجال الدولة والحكم ووسائله في
الدول الحديثة، وهو موقف ممانع يشبه موقفها من كل منتج حديث. ولو اتجهت
البلدان العربية للديمقراطية سنرى الواقع يجعلها ترضخ له وتستجيب على 
مضض.

فما الذى يمنع من موقف فكري استباقي يصالح بين السلفية والديمقراطية فكريّا 

من الناحية المبدئية، ثم يتم الحديث في تفاصيل الاختلاف لاحقا، وهذا يجب 
أن يشمل الكثير من الإنتاج الفكري الحضاري سواء كان من الغرب والشرق؟

هذا الموقف المتصالح مع المستقبل، وهو موقف فكري في النهاية وليس دينيا

 سيفتح الباب واسعا أمام الاجتهاد في ابتكار طريقة الحكم والنظام السياسي 
ومؤسساته المتوافقة مع أسس الدين وقواعده من جهة، ومع المنجزات الفكرية 
الإنسانية في إدارة المجتمعات ومؤسساتها .

__________________________________-
http://altagreer.com/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%82%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%88/

12‏/09‏/2014

المعنى العميق ل : "وجعلنا بينكم مودة ورحمه "



" وجعلنا بينكم مودة ورحمة "

رؤيتي للآية :

المودة اعمق من الحب وهي المرحلة التي تلي اشتعال
الحب -اذا استمر - وتشمل اضافة للحب،الوجد،القرب،الصداقة،التفاهم
التفهم،الانسجام،التناغم،السكينة مع بعضنا،الأمان
فإذا اضفنا الرحمة فإننا نضيف الحنان،العطف،المساندة،المساعدة
الصبر،التحمل الحب قد لا يشمل كل ذلك وقد يشمل بعضه
والزواج كي يستمر يحتاج لكل ذلك وليس للحب وحده

وهنا تتجلى بلاغة استخدام اللفظ القرآني الصحيح في مكانه الصحيح
فلو تم استخدام كلمة "حب"بدلا من "مودة ورحمة" لما كانت معبرة بقدرهما
لأن الحب وحده غير قادر على جعل الحياة الزوجية تستمر بشكل
سليم ومتماسك وصحي.

30‏/07‏/2014

فلسطين بين القضية وما حول القضية




عبدالخالق المرزوقي
نشر في صحيفة التقرير



منذ بداية النكبة قبل 60 عامًا، وهناك أمران متداخلان يحيطان بالقضية الفلسطينية : الأول هو القضية المركزية، أي الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، أما الأمر

الثاني فهو محاولات السيطرة والهيمنة على القضية وباسمها من أجل مصالح أخرى

لم يكن هناك خلاف بين الشعوب العربية، حول أهمية القضية وضرورة العمل لحلها 

بكل الطرق المتاحة بما فيها العسكرية منذ النكبة إلى اليوم.

وشهدت القضية منذ بداياتها لليوم تحولات عديدة، منذ 1948 مرورًا بكل الحروب 

التي خاضها الفلسطينيون والعرب إلى حرب 1973. كان هناك خطان متوازيان 
تجاه فلسطين، وحينًا يشترك نفس النظام العربي في العمل على الخطين. كان هناك
 توحّد فلسطيني عربي صادق حول القضية في الغالب، وهناك من رفع بعض 
الشعارات كشعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، واستغلّه من أجل قمع 
بعض المجتمعات العربية. فقد سعت أنظمة وحركات وأحزاب فلسطينية وعربية وإسلامية لخطف القضية وجعل نفسها المتحدث الرسمي باسمها والمتصرف 
بأخذها للاتجاه الذى يحقّق المصلحة العقائدية أو السياسة لتلك الحركات والأنظمة.

وكان هذا منذ بداية النكبة إلى اليوم، وهذا أحد الأسباب الكبرى التي دفعت لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية لتكون هي الجهة التي تتبنى القضية سواء على الأرض 

أو في السياسة. وهنا نتذكر الدور الكبير والعملاق للراحل ياسر عرفات، الذى مهما اختلفنا حوله، سيبقى هو القائد التاريخي للكفاح الفلسطيني. ولأنه أدرك منذ البداية 
أهمية عدم ترك القضية في يد أنظمة وحركات تتصرف بنا وبالقرار الفلسطيني وفق أهواء بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب الفلسطيني، وخاض في سبيل ذلك معارك 
عديدة سياسية وعسكرية ضد أحزاب وأنظمة عربية من أجل استقلال القرار
 الفلسطيني، أصاب والمنظمة في بعضها ولم يصيبا في بعضها الآخر.

وفي سنواته الأخيرة، أدى ضعفه إضافة لغياب القيادات التاريخية للشعب الفلسطيني ودخول مجموعات جديدة داخل منظمة التحرير وحركة فتح خاصة بعد أوسلو إلى إضعاف هذه الاستقلالية، وهذا ما نراه تَعزّز في الوقت الحاضر؛ حيث لم يعد 

لمنظمة التحرير أو حركة فتح أي دور عملي واضح من أجل القضية.

وتصاحب هذا مع بروز الحركات الجهادية الإسلامية في الدفاع عن القضية

 ويحسب لها أنّها هي من أبقت القضية حيّة بين الفلسطينيين والعرب والمسلمين
 في العقود الأخيرة، وحاولت هي أيضًا الموازنة بين استقلالية قرارها وبين 
حاجتها للمؤازرة السياسية والعسكرية والمالية.

وكان هناك تيار فلسطيني وعربي على مستوى أصحاب الرأي سواء في السياسة 

أو الإعلام خاصة في العقود الأخيرة بعد أوسلو، يرى أنّ التفاهم مع إسرائيل أكثر 
جدوى ومنطقية من العمل العسكري. أُطلق على السياسيين من هذا التيار قوى 
الاعتدال، مقابل ما أطلق عليه قوى الممانعة والذى اتضح لاحقًا خاصة بعد 
الثورات أنّها مجرد تسميات لا وجود لها حقيقة. فالاعتدال العربي هو أقرب
للخنوع أمام الخارج والممانعة أمام الداخل، والممانعة هي كذلك ممانعة أمام 
الداخل والبحث عن صفقات مع الخارج.

ومثلما كان على مستوى السياسيين، أيضًا على مستوى المثقفين والكتّاب 

والإعلاميين. فهناك ضمن “المعتدلين العرب” فريقان بالنسبة للرؤية حول 
القضية الفلسطينية؛ فقد أدّى مؤتمر السلام في مدريد وبعده اتفاق أوسلو 
لتحولات عديدة على المستوى الفكري والسياسي تجاه إسرائيل. حيث لم تعد 
لدى العديد من العرب هي “الكيان الصهيوني”، وأصبح التفاوض معها مقبولًا
وشهدنا تقاربا سياسيا بينها وبين اغلب الدول العربية. لكنّ وجهة النظر هذه بقيت
بعيدة عن تفكير الرأي العام العربي، ومحصورة في أهل السياسة وبعض المثقفين والإعلاميين .

هذان الفريقان أحدهما صادق في رغبته في عودة الحقوق الفلسطينية ويرى أن 

وجهة نظره حول الاستمرار في التسوية السلمية هي أكثر جدوى لأسباب مقنعة 
لديه. ويشدّد هذا الفريق ويكرر الحديث حول الاستقرار والتنمية. إنّنا لم نشهد 
لا تسوية ولا سلمية ولا استقرار وتنمية. والفريق الآخر هو لا يهتم بالقضية 
أساسًا، ويتحدث عنها كجزء من برستيج عام أمام الرأي العام.

هنا لا أتحدث عن النظرة الأصوب للتعامل مع القضية، بل عن الإيمان بوجود 

عدة اتجاهات للنظر للقضية الفلسطينية وعن أسباب وجود هذه الاتجاهات .

القضية الفلسطينية والمرحلة الجديدة

اختلف تناول القضيّة الفلسطينيّة خلال الربيع العربي. في مرحلة المدّ للربيع 

العربي رأينا تفاؤلًا بوجود دعم قويّ وحقيقيّ للقضية نتيجة لزيادة دور الشعوب
 العربية في تشكيل القرار السياسي وهي بطبيعتها مؤيدة للقضية بدون تحفظ
 خاصّة أن أغلب الحكومات الناتجة عن الثورات العربية كانت من التيار الإسلامي
 وهو بينهم وبين حركة حماس حاملة لواء القضية والمتصدرة لواجهتها علاقة قوية

في المرحلة الثانية من الثورات العربية وهي مرحلة الجزر، رأينا انقلابًا كبيرًا وإن 

ظل الحديث عنه متحفظًا سياسيًّا وإعلاميًّا إلى حين بدأ العدوان الإسرائيلي الحالي 
على غزة. حيث لم نصبح أمام اتجاهات لتناول حلول للقضية كما كان سابقًا، بل 
أصبحنا أمام اتجاهين متمايزين جدًّا يشمل كلٌّ منهما أنظمةً وسياسيين ومثقفين 
وإعلاميين .

اتجاه ما زال ينظر للقضية كحق أصيل فلسطيني وعربي والوقوف معها ومع 

من يحمل لواءها. رغم أنّه قد لا يكون هناك اتفاق تامّ مع حركات المقاومة في 
سياستها، وما زال هذا الاتجاه هو الغالب .

واتجاه آخر تتراوح آراؤه بين الوقوف بالضد من الفلسطينيين أو أغلبيتهم بل 

المطالبة بالقضاء على حركات المقاومة الفلسطينية واعتبار القضية عبئًا يجب 
التخلص منه سياسيًّا وثقافيًّا، سواء بإظهار هذه الآراء بطريقة مباشرة، أو غير 
مباشرة مراعاة وخوفًا من التصريح العلني .

وجزء من هذا الرأي يظهر عداءَه للحركات الإسلامية وصراعَه المحليَّ معها 

ليحوّله إلى مكارثية وفاشيّة حتى ضدّ كلّ من انتمى للتيّار الإسلاميّ لدرجة العداء 
للحقّ الفلسطينيّ طالما أن من يحمل لواء هذا الحقّ في الفترة الحالية حركات
 إسلامية. وبين منَ يرى أنه يجب الاستمرار في التفاوض مع إسرائيل ولو 
رفضت إسرائيل وتجنُّب استثارتها وأنه يجب الاكتفاء بالتنمية والاستقرار 
و”أكل العيش”.

ولفلسطين ربّ يحميها، والدماء عزيزة وعلينا تجنب الألم. وأمام اعتداءات 

إسرائيل تكفي الشكوى لمجلس الأمن ولأمريكا لعلّ وعسى أن ننال حقوقنا 
يومًا ما. والحمد لله أنّ هذه الآراء لم تظهر خلال فترة الاستعمار والانتدابات
وإلّا لكانت أغلب دولنا العربية ما زالت مستعمرة.


http://altagreer.com/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%82%D9%8A%E2%80%A8-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8
A/

21‏/07‏/2014

دماؤهم وعارنا



ماذا يمكن أن يقول الإنسان امام الدماء وهي تروي ارض فلسطين

نعم هي ارض فلسطين . لكن القضية ابدا ليست قضية فلسطينية
كما يُلَبِس ما يفترض أنه اعلامنا على عقولنا منذ عقود . هي ليست
قضية فلسطينية هي قضيتنا جميعا ، عربا ومسلمين وقضية كل حر
في العالم مهما كان دينه وفكره . هذه القضية هي من تصنفنا وليس
نحن من يصنفها . نحن من خناها منذ أوقفت الجيوش التي كان يقال
أنها جيوش عربية في ١٩٤٨ الحرب بعضها بحجه " ماكو اوامر"
وبعضها بسبب الأسلحة الفاسدة وبعضها كان يقودها ضباط دولة بلفور.
نحن العبء على القضية وليست هي عبء علينا كما يحاول بعض
من ينسبون لنا من سياسيين واعلاميين تصوير الأمر لنا . بل هؤلاء
هم العبء علينا وعلى القضية . نقدم بضع كلمات وبعض ادعية ونعود
إلى أسرتنا، نخدع ضمائرنا بأننا نصرنا القضية .

نناشد العالم التدخل ونكتفي نحن بالدعاء وبعضه همسا، كي لا نتهم
بأننا نناصر حماس الإخوانية فيما لا يخجل بعضنا من ايجاد التبريرات
للصهيونية، نتهم الغرب بالانحياز لاسرائيل ونغلق نحن الحدود حتى 
في وجه الأدوية 

نناشد العالم التدخل فيما بعضنا مشغول بالتدخل ضد ارادة الشعوب
العربية ويدعم الفاسدين كي يزيدوا فسادا

نناشد العالم التدخل وبعضنا مشغول بالبحث بين لاجئينا في المخيمات
عن القاصرات لتحقيق فتوحاته ونصره نزواته

نناشد العالم التدخل وبعضنا مشغول بملاحقة النساء لتغطية وجوههن
في الأسواق ، فيما نساؤنا تعتقل وتغتصب وتقتل في فلسطين وسوريا 
والعراق وغيرها

لم نعد نريد تطبيق نصوص الدين في نصرة المظلوم ، أو الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان، بل نريد على الأقل حمية "الجاهلية "



11‏/07‏/2014

حديث حول القدر والمشيئه


الكاتب: عبدالخالق مرزوقي

في موضوع القدر والمشيئة اميل للرأي الذى يقول لا جبر مطلق
ولا تفويض مطلق بل للانسان مشيئة وللخالق مشيئة ولا تعارض بين
الاثنتين

الانسان مخير فيما فيه خيار. ومسير جبرا فيما ليس فيه خيار
الانسان مخير مثلا بين الابقاء على حياته او الانتحار. الايمان
أو عدمه . لكن ليس مخيرا مثلا بين الموت او الخلود
وفي الحالين خيارك هو خاضع لإرادة الله سبحانه .

- ماذا إذا شاء المخلوق الكفر ؟؟
له أن يكفر لان كفره مشيئته هو، هو مخير فيه.
لكن هذا التخيير منحة له من الله، وليس فرضا لمشيئته
هو على مشيئة الله

الله لا يفرض عليك الكفر. بل يمنحك حق مخالفته والكفر
لكنك لا تفعل ذلك رغما عنه، فتحقيق ارادتك موقوف على مشيئته
هو سبحانه في تحقيق تلك الإرادة وتسهيلها من عدمه

آيه " وماتشاؤون إلا أن يشاء الله "
كيف نفهمها اذن ؟

المشيئة مشيئتين. مشيئة للخالق ومشيئة للمخلوق
كما ذكرت سابقا ومشيئة المخلوق منحة من الله واراده منه
وليست جبرا أو فرضا من المخلوق للخالق عليها

بمعنى أنك حين نكفر. فانت تطبق ارادتك ومشيئتك وتعصي الله
لكن عصيانك لله ليس رغما عنه وعن مشيئته بل هو من منحك ابتداءا
هذا الحق في الفعل. رغم أن لا يحب الكفر منك
يؤيد هذا ورود هذه النصوص في القرآن مثلا :
سورة التكوير:
" لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ - وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "

المدثر:
"‏‏فَمَن شَاء ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ"
الإنسان:
" إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاءون
إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما"
فالله لا يريد منا الكفر ولا يحبه منا . لكنه لم يفرض علينا الإيمان
ولو فرض علينا الايمان لما استطاع احد أن يكفر
ولو كان يريد منا الكفر ويحبه، لما كان له أن يحاسبنا عليه.

لأن هذا يتناقض مع عدله المطلق يؤيد هذا آيات عديدة منها :
الزمر : "إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ"
البقرة : "والله لا يحب الفساد "

ومن المعروف أن هناك نوعين من الإرادة لله سبحانه. ارادة كونية
قدرية ترافقها المشيئة وهما تتعلقان بكل ما يشاء الله وجوده وفعله
وإحداثه في الكون كما في قوله تعالى : " إنما أمره إذا أراد شيئا أن
يقول له كن فيكون" ومن ذلك وجود الكفر والفساد

وإرادة شرعية تتعلق بما يأمر الله به عباده مما يحبه ويرضاه، وهي
المذكورة في مثل قوله تعالى : "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"

16‏/06‏/2014

أسئلة الوجود والهُويّة سعوديًّا


عبدالخالق المرزوقي
نشر في صحيفة التقرير :


الأجيال الحالية في السعودية تعيش عصرها الوجودي وقلقه كما عاشتها أوروبا
منذ عقود دون أن يكون ذلك علنيًّا أو يُعرف الكثير عنه أو يدرس من قبل
المتخصصين. لدينا قلقٌ وأسئلةٌ مهمةٌ تدور وسط الجيل الجديد وأزمة هُويّة
كل ما يدور حولنا من نقاشات في وسائل التواصل الاجتماعي تخبرنا بهذا
الوجودية هي تيار فلسفي يؤمن بالحرية في التفكير دون قيود، ولا يحتاج
لموجّه، وتحوي داخلها على عدد من الاتجاهات والأفكار المتباينة. وكما
أنتجت الأسئلة في أوروبا وجوديتين ملحدة كان أبرز ممثليها جان بول سارتر
ومؤمنة كان أبرز وجوهها الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز . فإن ذات الأسئلة
لدينا تتجه لإنتاج تيارين ليسا بالضرورة مطابقين لما أنتجتهما في أوروبا.
وأعتقد أن الحديث -مع العلم أنه أغلب الحديث والنقاش محليّا ما زال يدور في
وسائل التواصل الاجتماعي ولم يتحول لنقاش عام ضمن الإعلام التقليدي
أو العالم المفترَض أن يتناول مثل هذه القضايا- عن وجود الإلحاد في العالم
العربي عامّة والسعودية خاصة في الفترة الحالية، ولا أصفه بالظاهرة؛ فهناك
مبالغات إعلامية أو الشك والتساؤل وهما الكلمتان المناسبتان أكثر من كلمة إلحاد
كما أرى أمرًا طبيعيًّا جدًّا نتيجة لوجود عوامل عديدة. فنحن كمجتمع سعودي
خاصة نمرّ بمرحلة انتقال كبرى بين عصرين وثقافتين مختلفين، ننتقل من
عصر تلقين وخطاب سياسي وثقافي وديني واحد ومليء بالآباء في الثقافة
والفكر والدين، وتديّن عاطفي لا يحترم العقل.

وبعد التغيرات التي فرضت علينا وتسارعها في السنوات الأخيرة بفعل
التكنولوجيا وانفتاح الجميع على العالم وكل الأفكار المطروحة في العالم فإن
الأجيال الشابة تجد نفسها متروكة لتواجه أسئلتها لوحدها نتيجة لضعف
الأطروحات والخطابات الفكرية والدينية وضعف وقلة الحصيلة الفكرية لدى
حامليها وعدم تقديمها ما يقنع أحدًا، صاحبَ ذلك وترافقَ معه الخروج الكامل
من مرحلة دينية اعتمدت على العاطفة الدينية وإثارة المشاعر والبكائيات
لترسيخ تدين اجتماعي وانغلاق فكريّ لم يعد قادرًا على مواجهة الأسئلة المثارة
حتى من داخل المجموعات التي ما زالت متمسّكة به كما هو، وتقديم إجابات
تستند على ثقافة جديدة تقوم على عقل ومنطق مقبول من شرائح جديدة. وجدَ
ذلك الخطاب نفسه عاجزًا أمامها؛ فكيف سيكون حاله كلما تقدمنا نحو المستقبل
حين يواجه المزيد من التحديات الفكرية والمزيد من الانفتاح الفكري والاجتماعي
على السواء والذي لا يمكن منعه أو منع الوصول إليه ولا منع تأثيره؟

إضافةً لسبب يضاعف أسئلة المرحلة التي نمرّ بها، وهو أنّنا نعيش مرحلة هزيمة حضارية كعرب على كافة المستويات الثقافية، السياسية، الإقتصادية، العلمية…
نعم عمرها طويل، لكنّنا الآن لم نعد قادرين على إخفائها أو تجميلها بتسميتها
بغير اسمها. نحن في مرحلة انكشاف كامل، علينا الاعتراف بهذا. وساهمت
الثورات العربية في توضيح هذا الانكشاف وتعريته وتعرية ما يسمّى “النخب”
في كل المجالات دون استثناء أمامنا. وفي مثل هذه الأوضاع، تكثر التساؤلات
والشكوك حول كل شيء: الله، الدين، الهوية، الثقافة، الحياة، الوطن، وغيرها.
وهذا ليس خاصًّا بنا كعرب أو مسلمين؛ بل هو أمر طبيعي تمرّ به كل
المجتمعات في حال انتقالها من مرحلة ثقافية لأخرى أو حال مواجهتها لهزيمتها
أمام حضارات أخرى.

القضية، أعتقدُ، ليست الوقوف أمام بعض الأسئلة التي تطرح وتجاهلها
أو استنكارها أو اتهام مَن يطرحها حتى لو كان السؤال من نوع وجود الخالق
من عدمه، بل علينا فهم وتفهّم أسباب ودوافع طرح تلك الأسئلة وكثرة الآراء
المتواجهة مع الدين حاليًا. نحن في حراك فكري حقيقيّ، قد ينتج وقد لا ينتج
ثورات ثقافية، لكنه بالتأكيد يحرّك التغيير، يقودنا للأمام. الثورة حالة جذريّة
تزيل كل ما تمر به، ولا أعتقد أن المجتمع جاهز لهذا أو حتى متّجه إليه؛ نحن
نتغير، لكن ببطء، وبحاجة لزيادة سرعة التغيير والحراك وتداولية واعية
ومدركة تواكب مجتمعها وتتغير معه. الحراك وتداول الأسئلة الفكرية في العقود
الماضية كان على مستوى (النخب).

لكن حاليًا الحراك على مستويات أوسع وقاعدته أكثر شبابًا. وهم قادمون من
خلفيات متنوعة، وكلّ ما كان الانفتاح أكثر اتساعًا كان الحراك كذلك، وزيادة
الحراك تزيد الانفتاح وهكذا هي علاقة طردية. المعضلة هي أن مؤسسات الدولة 

الرسمية لن يرضيها أيّ حراك هي غير مسوقة له ليس هذا فقط، بل تريد أن يكون
مقيدًا بأجندتها هي، وهي من تحدّد مجاله ومداه، وهذا يمكن أن يحدث في البدايات

بالنسبة للحراك داخل المؤسسات الرسمية. لكنّ خارجها وعبر وسائل التواصل
هي لن تكون قادرة على التحكم به. وحين يسير المجتمع للسياسية، تبدأ التغيرات
داخله بالظهور على الأرض وستضطر هي لزيادة سرعتها لمواكبته، وتغيير استراتيجيتها وخطابها سواء السياسي أو الديني، وأمام المؤسسات الرسمية
السياسية، الثقافية، الدينية.

القضية المهمّة كما أرى هي كيفية امتلاك الحرية والانفتاح لتقبل طرح تلك
الأسئلة من ناحية، وامتلاك القدرة على تقديم إجابات مقنعة لطارحيها من جهة
أخرى، وأن يكون بمقدور طارح الأسئلة والمجيبين عليها امتلاك الأدوات العلمية 

الفكرية التي تمكّنهم من النقاش والإقناع لبعضهم، وهذا يتطلب عملًا كبيرًا جدًّا
وتأسيسيًّا لتغيير بنيه كاملة سياسية، ثقافية، دينية… عمرها عقود من الزمن
والتأسيس لبناء جديد على أسس جديدة.


http://altagreer.com/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%82%D9%8A-%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8
7/

05‏/05‏/2014

ماذا يعني أن تكون عروبيا في 2014


عبدالخالق مرزوقي

نشر في موقع المقال


بعد انطلاق الربيع العربي برز لساحة الفعل الثوري والسياسي على الارض 

مجموعات من الشباب ميزتهم عدة خصائص اهمها انهم :

مدنيون ، مثقفون ، من اتجاهات سياسية مختلفة ، يأتون للسياسة بدون خبرة عملية 

مسبقة بها ، لديهم ما يشبه القطيعة مع الاحزاب والقوى السياسية التقليدية، حتى 
المنتمين لحركات سياسية تقليدية منهم لديهم توجهات واراء مختلفة عن قيادات 
حركاتهم

كانت الميادين في دول الربيع العربي بكل ما جرى فيها هي مكان بداية تشكل 

تجربتهم الحقيقية في مجالها السياسي . اتحدث عن الأغلب هنا ، فهناك من لديه 
تجارب بسيطة من قيادات الشباب داخل منظمات وجمعيات المجتمع المدني 
خاصة

في الدول التي لم تقم فيها الثورات كانت ايضا هناك اجيال جديدة من الشباب بدأت

 تظهر اهتماما بما يجري في الساحات الأخرى وتتابع عبر القنوات التلفزيونية 
وتتشارك معها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في كل تفاصيل ويوميات الثورات
 ما عدا العمل الميداني الثوري

امتداد ساحات الربيع العربي - الفعلية والمتخيلة - وتوزعها على رقعة جغرافية 

كبيرة شملت مختلف أرجاء العالم العربي وحجم ما جرى من أحداث ساهم في 
خلق شعور بتشارك "هم عام واحد "خاصة بين الأجيال الشابة . وانتشار الحديث
 عن قيم ومفردات محددة كالحرية ، الديموقراطية ، حقوق الإنسان، التعددية، 
العدالة الاجتماعية .

ساركز حديثي هنا على "المشاعر" العروبية التي بدأت تأخذ مكانها بين نسبة

من الشباب العربي خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. وهي تلتقي في 
خطوطها العامة مع ذات الشعور في كل البلدان العربية تقريبا

الميزة الأولى التي نلحضها هي قطيعة الجزء الأكبر من حاملي العروبة الجديدة 

مع الحركة القومية واحزابها وتياراتها وخطابها . ما عدا مجموعات قليلة أتت 
برؤية ايديلوجية قومية مسبقة واستثنى الدكتور عزمي بشارة من تلك القطيعة 
لاسباب تتعلق بخطابه ورؤيته الديموقراطية، الحقوقية المتقدمة على ما عداها

هذه القطيعة تحرر حاملي هذا الهم العروبي من ارث ثقيل ومن عقود من خطاب 

قومجي شعبوي بائس وغير واقعي. فلم تعد الوطنية او كما كان يسميها القوميون 
" الدولة القطرية " في موقع تنازع مع " الدولة القومية " ، بل اصبحت الدولة 
الوطنية وأهمية وجودها وتقدمها وديموقراطيتها والهم المحلي منطلقا وقاعدة 
سواء على مستوى الفعل أو الرؤية لمشاركة بقيه البلدان همومها

كذلك لم تعد العروبة شأنا سياسيا فقط أو بالأحرى لم تعد تعرف نفسها على أساس الموضوع السياسي فقط ، بل اخذ الجانب الثقافي دورا كبيرا في هذا . حتى انه 

قد يصح أن نعتبر جزءا كبيرا من العروبيين الجدد اقرب ليكونوا دعاة لعروبة 
ذات "هوية ثقافية" ورؤية سياسية أولا منها لقومية سياسية وهذا له ميزتين
كبيرتين


أولهما أنه جذب شرائح جديدة لهذه الرؤية منهم جزء من شباب الإسلاميين 

الذين كان سابقيهم يقفون بالضد من شعار " القومية " . وأيضا جذب جزءا
كبيرا من الشباب الذي يميل لشعارات الليبرالية أو اليسار الميزة الثانية أن 
تقديم دور البعد الثقافي للهوية يفتح مجالا للتعدد والاختلاف في الرؤى واطارا
قادرا على استيعاب جزء كبير الاختلافات التفصيلية 

النقطة الثانية المهمة في هذا المنطلق العروبي أن يرتكز على قيم مشتركة 

تجمع ولا تفرق وينطلق منها ويشترك فيها الجميع كالحرية، الديموقراطية
التعددية حقوق الإنسان، العدالة الإجتماعية ، حكم القانون. وهذا ما جعل لهذا 
الخطاب جاذبية لأنه ينطلق من رؤية انسانية عامة جاذبة للشباب المثقف 
الحامل للهم العام بأنواعه

ما هي عروبة المستقبل ؟

لأن البعد الثقافي للهوية العربية اصبح يحتل حيزا اكبر، عكس الحركة القومية 

وهذا احد اكبر خطاياها فإن الرؤية المستقبلية للعروبة – من وجه نظر 
خاصة – يجب أن ترتكز على عدة أمور اهمها وبدون ترتيب :
- هوية عربية ثقافية جامعة , تبتعد عن عنصرية القومية وخطابها
- جعل القيم الإنسانية العامة واسس الحياة الديموقراطية كالحرية، التعددية

 حقوق الإنسان، حكم القانون، العدالة الإجتماعية، التداول السلمي للسلطة. 
مقدمة على ما عداها من تفاصيل في الخطاب العام وفي الممارسة
- استيعاب الهويات الخاصة للمجموعات بأنواعها وعناوينها ضمن النسيج 

العام
- اعتبار الهويات الخاصة بأنواعها الدينية، القومية، السياسية، الثقافية اثراء
للنسيج العام لا كمهدد له
- عدم اغفال البعد الوطني واعتباره أولوية ونقطة انطلاق، لا كمعرقل 

أو متصادم مع العروبة
- الإحتفاظ بتفاصيل وخصائص كل مجتمع ووطن عربي في كل مجالاتها
- ابتكار رؤية سياسية يحملها هذا التيار تبتعد كثيرا عن الخطاب القومجي 

الوحدوي الإندماجي وتبحث عن صيغة حديثة
- تحافظ على الهوية الخاصة بكل بلد من جهة وتنطلق منها لتحقيق نوع من 

التكامل في حده الأدنى والإتحاد غير الإندماجي في حده الأعلى من جهة اخرى.


http://www.almqaal.com/?p=337
8

24‏/03‏/2014

هذه الأرض , تلك النجوم , هذه الأشجار



للشاعر التركي ( أورخان ولي )
ترجمة : جمال جمعة


ولد أورخان ولي كانيك في استنبول عام 1914 أي في نفس الفترة التي وقعت  
فيها تركيا حكم اعدامها بدخولها الحرب العالمية الأولى جنبا الى جنب مع الألمان
وحينما اعلنت الجمهورية التركية عام 1923 على يد مصطفى كمال اتا تورك كان الشاعر في التاسعة يتعلم الأبجدية العربية في المدارس قبل أن يبدلها أتا تورك 
باللاتينية معلنا فيها القطيعة مع ماضي الأمة التركية الشرقي-الاسلامي .

هذه القطيعة مع الماضي استحوذت على الأجيال التالية التي تربت في ظل ثورة
 التجديد القومية الأتاتوركية ومن ضمنها ذهنية الشاعر الذى حاول خلق تقاليد 
حداثية جديدة في الشعر التركي المعاصر يدا بيد مع اثنين من زملائه (أوكتاي 
رفعت , مليح جودت أندي) فشكلوا تيارا تجديديا متشابها الى حد ما الا انهم
انفصلوا بعد تبلور شخصياتهم .

نشر اورخان أولى قصائده عام 1936 ثم تلاها بخمس مجموعات شعرية كان 
أولها غريب) عززها بمجموعة مقالات يوضح فيها خطة الشعري الجديد الذى 
نجح في) بلورته كشاعر تركي , لكن موته المبكر عام 1950 جعل شهرته تذهب
 الى شاعر آخر أقل موهبة منه ( ناظم حكمت) .

تنم اشعاره عن بساطة آسرة وعاطفة كبيرة , عاطفة قروي مستوحد ( غريب) 
في مدينة لا يعرفه بها أحد , عاطفة طفولية لكن ليست ساذجة تنطوي على حب
 كبير للحياة واحتفاءاتها حتى في أشد لحظاتها حزنا , ربما آلامها التي لا تحتمل 
هي التي أودت مبكرا بحياة انسان كأورخان وهو في السادسة والثلاثين من عمره
 بنزيف في الدماغ


حين اسير في الشارع

حين أسير في الشارع
ألاحظ أنني أبتسم لنفسي
أفكر بأن الناس سيعتقدون أنني جننت
ولذلك ابتسم .


أن تكون حزينا
لعلي سأغضب
على من أحبهم
اذا لم يكن هذا الحب
قد علمني
أن أكون حزينا .


حشرات
لا تفكر
تمن فقط
هكذا تفعل الحشرات ايضا.


رائعتي
لست معتادا على كتابة قصيدة
حين أكون عاشقا
لكنني فعلتها على أية حال
وكتبت رائعتي الحقة
حين عرفت أني احبها
اكثر من أي شئ آخر
لذلك سأتلوا هذي القصيدة
عليها أولا .


ظلي
تعب أنا وضجر من التجوال معه
على أطراف اصابهي لسنين عديدة
دعنا الآن نعش قليلا في هذه الدنيا
منفصلين ,كل واحد لوحده .


قصيدة الوحدة
أنتم يا من لا تعيشون وحيدين ,
لن تعرفوا كم سيكون الهدوء مرعبا ,
كيف يتكلم الانسان مع نفسه ,
كم من المرات عليه أن يهرع الى المرآة
ولا كيف يتوق المرء لانسان آخر ,
عن ذلك لا شئ تعرفون .


امتلاء

عندنا بحر ملئ بضوء الشمس
عندنا أشجار ملأى بالأوراق
الصباح والمساء يجيئان ويذهبان
ونحن نذهب ونجئ بين البحر والأشجار
مليئين بالفراغ .


الأيام الجميلة

الأيام الجميلة دمرتني
في يوم كهذا
استقلي من عملي في مكتب العاطلين ,
في يوم كهذا ابتدأت ادخن ,
في يوم كهذا أصبحت عاشقا ,
في يوم كهذا كنت دائما أنسى
أن اجلب الملح والخبز الى البيت
ودائما في هكذا أيام
كان مرض الشعر يعتورني
الأيام الجميلة دمرتني .


هنالك شئ مريب

أيبدوا البحر بهذا الجمال كل يوم ؟
اتبدو السماء بهذه الروعة دائما ؟
كلا , وحق الله , كلا !
هنالك شئ غامض في هذا كله
لا استطيع أن أوضح
أتسمعون صوتي
حين أبكي في قصائدي ؟
أبامكانكم أن تلامسوا دمعي
بأياديكم ؟

لم اكن أعرف أن الأغاني بهذا الجمال ,
وأن الكلمات لا تكفي
قبل أن يصيبني هذا الألم


اعرف أن هنالك مكانا ما
يمكن أن يقول الانسان فيه كل شئ
اشعر أني قريب منه
لكنني لا استطيع أن أوضح .


الحانة
ما دمت لم أعد عاشقا
لماذا علي اذن أن أمر
على الحانة
حيث كنت اسكر كل مساء
مفكرا بها .


مسافر

بالأمس أصابني الضجر طوال اليوم
فدخنت علبتي سجائر
جربت أن اكتب دون جدوى
عزفت على الكمان لأول مرة في حياتي
ثم خرجت اتنزه
تطلعت الى لاعبي النرد
غنيت اغنية على لحن مغلوط
وقنصت الذباب في لعبة ثقاب
واخيرا , لا سمح الله
وصلت الى هنا.


وهم

تحررت من حبي القديم
الآن كل النساء جميلات
قميصي جديد
تحممت
وحلقت ذقني
فقد حل السلام
ها هو الربيع
والشمس مشرقة
خرجت الى الشارع
الناس سعداء ومرتاحون
ونا ايضا مرتاح وسعيد.


الحسون

أيتها الجميلة , لست
بجمال طائر الحسون الذى
يدور محلقا فوق الفخ
الذى نصبته في صباي
على أعلى غصن
في شجرة الخوخ في حديقتنا.


سفر
ليس في بالي أن اسافر
لكنني اذا فعلتها , على كل حال
سأذهب رأسا الى استنبول
ترى ما الذى ستفعله
حين تراني في القطار الذاهب الى
مدينة بيبك
لكنني , كما قلت
ليس في بالي أن اسافر!


قصائد حول السفر

حينما يسافر الانسان
تتحدث النجوم
وذلك الذى تقوله
اكثره حزين.

في الليالي , حينما يكون المرء سكران
فالنغم الذى يصفره نغم سعيد
لكن النغم نفسه لن يكون سعيدا
عند نافذة قطار.

رحلة

شجرة الصفصاف جميلة
لكنني أود أن اكون جدولا
على أن اكون شجرة صفصاف
حين يصل قطارنا لآخر المحطات .

حمامة القصيدة

زمان مضى ولم اسمع
هديل الحمام على النافذة
اهنالك سفر آخر؟
هذا ما اهجسه في داخلي
ما معنى رائحة الطحلب هذه؟
صراخ النوارس في الفضاء
هذا ما معناه؟
ينبغي أن يكون لهذا معنى واحدا :
سفر.


وطن الآباء

أي شئ لم نفعله لهذا الوطن !
بعضنا مات
والبعض الآخر يدبج الخطابات.


مجانا

مجانا نحن نعيش , مجانا
الهواء مجانا , الغيوم مجانا
الأنهار والجبال مجانا
وعندما لا يقود المرء سيارة
فالأمطار والوحول مجانا
وعندما نمر على السينما
فشباك الصور مجانا
لا الجبن ولا الخبز
بل الماء مجانا
الحرية تدفع سعرها برأسك
لكن العبودية مجانا
مجانا نحن نعيش مجانا.


كتابة على القبر 1

لا شئ في العالم آلمه
مثلما آلمه مسمار رجله
وما تذمر مرة من أنه خلق قبيحا
حتى اسم الله لم يكن يلفظه
الا اذا أوجعه حذاؤه
ما كان لأحد أن يقول
أنه كان غشاشا
مسكين سليمان أفندي


كتابة على القبر 2

لم تكن مسألة بالنسبة اليه
ذات ليلة نام
ولم يستيقظ بعدها ثانية
جلبوه وحملوه خارجا
غسلوه وصلوا عليه
ثم دفنوه
وحين عرف دائنوه أنه قد مات
تنازلوا عن ديونهم …..
أما من طرف المسكين
فلم يكن احد يدين له بشئ.


كتابة على القبر 3

وضعوا بندقيته في المستودع
واعطوا ثيابه لواحد آخر.
لا مزيد من كسر الخبز في كيسه
ولا آثار شفاه على قربته.

يالها من عاصفة !
حتى هو قد ذهب
ولن يعود اسمه الى الأبد ,
كل ما تبقى منه , في هذه الدنيا , سطران
كتبهما على جدران المقهى :
( الموت امر الله
ليت الفراق لم يكن )


مثلنا نحن البشر

ماذا تشتهي الدبابات
في احلامها ؟
وما الذى تفكر فيه الطائرة
حين تكون وحيدة؟
أتغني أقنعة الغاز
حين تكون مع بعضها
تحت ضوء القمر؟
وهل تشعر البندقية بالحنان
مثلنا نحن البشر؟

12‏/02‏/2014

القرآن الكريم واختلاف الثقافات : جدلية التأويل الإسلامي والغربي للقرآن


أنغليكا نويفيرت
ترجمة: يوسف حجازي
عن " قنطرة "


ينبغي للمختصين بالدراسات العربية الترجمة بين الثقافات وذلك بسبب اختلاف التقاليد الأوروبية والإسلامية في فهم القرآن، كما ترى استاذة الدراسات العربية في جامعة برلين الحرّة أنغليكا نويفيرت.

كلما ازداد تقارب المسلمين وغير المسلمين في أوروبا، ازدادت الحاجة المُلِحّة لتوفـُّر دراية راسخة بالقرآن لدى القارئ الغربي. لذلك تقف دراسات اللغة العربية التي تعالج وثائق الثقافة العربية الأدبية باعتبارها دراسات في النصوص، تقف إزاء مهامٍ جديدةٍ لعمل الترجمة الثقافية، لأنَّ النصوص ما زالت تحدِّد مجالاتٍ واسعةً من الوعي الجماعي.

ينطبق هذا بشكلٍ خاصٍ على القرآن الذي لطالما يتم استخدامه في الشرق كما في الغرب كشاهدٍ ملكٍ من أجل اتخاذ القرارات السياسية. كما أنَّ للبحوث الأساسية في القرآن أهميةً في نطاق النقاش الراهن حول الأسئلة السياسية المتعلقة بالهوية. مثل: ما مدى اغتراب القرآن عن أوروبا أو ما مدى أوروبيته في الواقع؟ وهل يمكن للقرآن أنْ يكون نصًا مهمًا ومرجعيًا لغير المسلمين وللمسلمين على السواء؟ ما زالت هناك بديهية شبه مطلقة في اعتبار القرآن حصرًا "نصًا إسلاميًا". إنما هذا ليس صحيحًا من الناحية التاريخية، حيث لم يتوجَّه إعلانه الشفوي من قِبَلِ النبي محمدٍ إلى المسلمين الذين لم يكونوا موجودين بعد في زمن ظهور القرآن، بل توجَّه إلى جمعٍ من المستمعين يمكن تسميتهم بـ "متعلمي الفترة الأخيرة من العصر الكلاسيكي القديم".

كان هناك نقاشٌ عابرٌ لحدود الأديان حول مسائل كونية في أواخر العصر الكلاسيكي القديم، مثل مسألة صورة الله أو الحياة بعد الموت أو معنى التضحية. وقد وسمت هذه النقاشات الدائرة بين مختلف الثقافات واللغات والجماعات الدينية القرآن بميسمها بوضوح، حيث يتناول نفس المسائل التي جرى نقاشها آنذاك ضمن اليهودية والمسيحية أيضًا. إضافة إلى ذلك، يتبع القرآنُ بشكلٍ جليٍّ من خلال تشريعه الديني تقاليد نصوص الكـُتبِ المقدّسة لدى هاتين الديانتين، حيث لا يُعتبر القرآن نصًا دنيويًا بل وحيًا من عند الله.

صوتٌ جديدٌ في نقاشات أواخر العصر الكلاسيكي القديم

الباحثة في علوم الدين والمختصة في الدراسات العربية والمديرة السابقة لمعهد الدراسات الشرقية التابع للجمعية الألمانية الشرقية في بيروت، البروفسوره أنغليكا نويفيرت، ترأس اليوم المشروع البحثي الذي يحمل عنوان "نصوص القرآن" Corpus Coranicum.. أسمع البلاغ القرآني صوته الجديد في نقاشات أواخر العصر الكلاسيكي القديم من خلال إجاباته الجديدة على المسائل الكونية – وهذا لا يختلف عن التقاليد المتزامنة لليهود والمسيحيين. وتـُمكن مقارنة القرآن بالعهد الجديد، لأن كليهما يستأنف الإنجيل العبري باعتباره نصوصًا تفسيرية لأواخر العصر الكلاسيكي القديم متعدد الثقافات. أي أنَّ القرآن جزءٌ من تلك الحقبة التي يحلو اليوم المطالبة بتسميتها بالزمن التكويني لأوروبا اللاحقة. بيد أنه لا يكفي إيضاح أسباب كون القرآن نصًا قريبًا من الأوروبيين. فثمة رغبة ملحّة أخرى على الدراسات العربية إنجازها وتتمثـَّل في إدماج دراسات القرآن بتقاليد الإسلام في التعليم الغربي. القرآن في الإسلام جزءٌ لا يتجزأ من تقليد في مجال التأويل مستمرٌ منذ قرونٍ عديدةٍ، لكن هذا التقليد لم يُراعى في أوروبا حتى الآن إلا بشكلٍ انتقائيٍ.

ومع أن البحوث الغربية تهتم بالنتائج وبالخلفيات السياسية الاجتماعية للتأويل الإسلامي للقرآن، إلا أنه لا يتمُّ فحص أدواته بجديةٍ من حيث قدرتها على مواكبة العلوم القرآنية العصرية. وتتبع البحوث الغربية للقرآن من حيث الأدوات تقاليد مذهب التأويل الأوروبي حصرًا، من هنا يجري تأويل القرآن في الشرق والغرب بناءً على شروط نظامَيّ مقاربةٍ مختلفين للغاية.

وإذا أرادنا تحديد سمات هذا الاختلافات، فلا بدَّ أولاً من ملاحظة أنَّ تقدير قيمة البنية المتوارثة للنص في الشرق والغرب متباينٌ تمامًا. فأهمية القرآن للمسلمين تفوق أهمية العهد القديم والعهد الجديد لليهود وللمسيحيين بأشواط. يمتلك القرآن باعتباره "تجسيدًا" صوتيًا حاضرًا في الطقوس الدينية الإسلامية نفوذًا لا تمكن مقارنتها إلا بحضور كلمة الله المتجسّدة في المسيح. أي أنَّ القرآن يتخطى في إظهاره المادي الصوتي طبيعته كنصٍ مكتوب.

إذن، ليس الكتاب المقدس والقرآن ما ينبغي وضعهما موضع التوازي، بل تجسُّد كلمةُ الله في يسوع المسيح في المسيحية و كلامُ الله الذي "تجسَّد في القرآن". ولذا من غير المستغرب أنْ يُعتبر الشكل النهائي للنص هو الأهمّ عمومًا في الإسلام. يكمن هدف تفسير القرآن لدى الإسلام التقليدي في فحص شكل النص هذا على كل الاحتمالات التي يمكن تصوُّرها للتأويل، ولكن ليس آخرًا في إلقاء الضوء على أبعاده الجمالية أيضًا. ويساهم الحرص على سلامة النص في الوقت نفسه على الحفاظ على الطابع القدسي للقرآن. تختلف علوم الأدب واللغة في الغرب عن هذا اختلافًا تامًا، حيث أخذت هذه العلوم بعلمنة النصوص الدينية منذ أن فرض الأسلوبُ التاريخي النقدي نفسَه في القرن التاسع عشر.


بحوثٌ نقديةٌ في القرآن ذات توجُّه تاريخي

"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ / خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ": إعلان النبوّة عبر الوحي الأول الذي نزل على محمد. ضمن هذا التقليد الذي حوَّل النصوص الدينية إلى نصوصٍ تاريخيةٍ من خلال تطبيقه في المقام الأول على الإنجيل نشأت أيضًا بحوثُ القرآن النقدية في الغرب. وكانت تسترشد بوجهةٍ تاريخيةٍ منذ البداية، ولكنها كانت بذلك تتعرَّض باستمرارٍ أيضًا إلى خطر الخطأ في تقدير القرآن واعتباره مجرّد إعادة صياغةٍ لنصوص الكتاب المقدّس القديمة. وهذا الخطر ما زال قائمًا حتى يومنا هذا.

يمكننا النظر على سبيل المثال إلى الآيات الأولى من سورة العلق، حيث يفسِّر التقليد الإسلامي هذه الآيات باعتبارها إشارةً إلى حدثٍ مفصليٍ في حياة محمد. بحسب الرواية أصبح محمدٌ نبيًا عندما ألحّ عليه الملاك جبريل بأنْ يقرأ. ويرى التأويل الإسلامي في صيغة الأمر "اقرأ" إشارةً إلى مشهد الوحي. وبعد خمس آياتٍ تعالج سورة العلق موضوع الإخلال بالصلاة. هذا الموضوع لا يتفق مع مشهد رفعَ محمدٍ إلى مقام النبوة ولا يجري الالتفات إليه. غير أن بحوث القرآن النقدية ترى في الآية الأولى نمطـًا شائعًا في الكتاب المقدس باللغة العبرية هو: "عليك التلاوة". وهو بالنسبة لها دعوةٌ لجميع المؤمنين لتسبيح الله من خلال التلاوة. وبحسب هذه المقاربة تواصل السورة بعدها بنوعين من النصوص النموذجية في القرآن: الأول شكوى من الطغيان والثاني سلسلة من الأسئلة الاستنكارية تتناول إفساد الطاغي للصلاة.

أي أنَّ السورة بحسب هذه القراءة ليست أكثر من واحدةٍ من شهاداتٍ كثيرةٍ عن ضرورة إيصال الرسالة الإلهية، ولكن أيضًا عن صعوبة ذلك. وتسمح قراءتها بهذه الطريقة بمقارنتها بالسِّور الأخرى وبالتالي بتحديد موقعها في الترتيب الزمني ضمن مجمل إعلان القرآن [نزوله]. إلا أنَّ هذا لا يقع ضمن نطاق اهتمام القراءة الإسلامية التي تفهم الوحي القرآني باعتباره استمراريةً لا تعكس تطوُّرًا تاريخيًا حتى وإنْ ارتبطت بعضُ آياتٍ بوقائع من حياة النبي.

المراجع إذًا مختلفة، فأبحاث القرآن الغربية تستند على قواعد القرآن الهيكلية وتدرُسه بأسلوبٍ مُسبقٍ جرى وضعه لقراءة العهد القديم والجديد في سبيل وضع الإعلان عن السِّور في إطاره التاريخي الديني. أما التقليد الإسلامي فيشرح الآيات بشكلٍ منفصلٍ استنادًا إلى مواقف من سيرة الرسول في سبيل شرح حدث الوحي المفصلي بالطريقة التي يتم فهمه بها عند النظر إليه بنظرة استرجاعية.


فرادة القرآن

وعلى الرغم من هذه القراءات المختلفة تسعى أبحاث القرآن الجادة في الشرق والغرب بلا ريب للتوصُّل إلى أمرٍ مُشابهٍ ألا وهو تجلـِّي المعنى الكامل للنص. ويجري الحديث في الإسلام عن "عدم إمكانية تقليد القرآن"، وعن "فرادته" الأدبية والدينية. بينما تبحث بحوث القرآن التاريخية بدورها عن ميزةٍ فريدةٍ من نوعها يُحددها التاريخ. وهي تتحدث عن كون القرآن "غير مسبوق"، وعن الابتكار الذي أتى به إلى ثقافة النقاش في أواخر العصر الكلاسيكي القديم. كلا النهجين يمكن أنْ يكمِّلا بعضهما بعضًا. وخطوط الحدود بينهما بالذات، التي وقع الخطأ في فهمها حتى الآن واعتـُبرت فاصلةً بين ثقافتين، لا بدَّ بعد من اكتشافها في المستقبل باعتبارها حقلاً للأبحاث.

ستتمكن التقاليد الدينية الإسلامية من عرض نفسها عبر مسلمين في العديد من الجامعات الألمانية عِبر مؤسسات للاهوت [للفقه] الإسلامي جرى إنشاؤها حديثًا، وستشمل في الحوار حول المداخل إلى الإسلام أيضًا مثقفين أوروبيين. في إطار التحضير لهذا ينبغي لعلوم النصوص مثل علوم الدراسات العربية أن تـُعنى "بترجمة" القرآن وشرحه للجمهور الغربي. فالقرآن في آخر المطاف ليس شيئًا "غريبًا"، بل مرتبطًا بتلك التقاليد التي كان لها دورٌ أساسيٌ أيضًا في نشوء الثقافات الدينية الأوروبية. ولأنَّ القرآن قد أدرَج نفسَه في تقاليد الكتاب المقدّس لا يسعُ غير المسلم أنْ لا يبالي به. بل بالأحرى يستحق الاعتراف به أخيرًا مثل حال التقاليد البيزنطية واليهودية باعتباره إرثًا لأوروبا من أواخر العصر الكلاسيكي القديم.