07‏/04‏/2017

الذكر في النظام الأبوي، والخوف من حقوق المرأة


الكاتب: عبدالخالق مرزوقي

يمكن فهم خوف واستنفار بعض الذكور من أي خطوة سياسية حقوقية 
تمنح - الأصل أن الحقوق تؤخذ ولا تمنح- المرأة في المجتمع والدولة بعض الحقوق الأساسية على تضاؤل تلك الحقوق الممنوحة فعلا، من خلال فهم النظام الأبوي وطريقة عمله في المجتمعات. 

والاتفاق الضمني غير المعلن على استمراره سابقا، والذى ما أن بدأت بوادر 
لبعض التغيير فيه، ورغم أنها مجرد بوادر ولم تصبح توجها للدولة بعد، إلا أنها اثارت الخوف والهلع لدى " الذكر السيد " من تحولها لتوجه عام. 

من المعروف أنه في النظام الأبوي، أن هناك تراتب، وتسود علاقة السيد " الأب السياسي أو الإجتماعي أو الديني"، 
ورجل الدين وشيخ القبيلة اباء بهذا المعنى، بالمَسُود أي من يليه في المرتبة وتتسلسل العلاقة، من الأعلى للأدنى، وتجعل من كل فرد خاضعا بشكل شبه كامل لمن يسبقه في المرتبة. 

ولأن الذكر الفرد في مجتمعنا "عاجز" عن المبادرة والفعل تجاه من يعلوه في هذا النظام الإجتماعي، فإنه اعتاد التنفيس عن عجزه، ومحاولة اقناع ذاته "بقدرته " 
وبأنه ايضا سيد، لتحقيق بعض التوازن النفسي الداخلي، عن طريق اخضاع وممارسه منطق السيد والمَسود، الذى يمارس عليه، بممارس ذات الأمر مع من يليه في مرتبة. 

وفي مجتمعنا من يلي الذكر في هذا النظام الاجتماعي، والمسموح له - السماح له 
ليس منة بل له اسبابه ومنها استمرار استقرار هذا النظام الإجتماعي السائد ومنع تمرد الذكر الفرد عليه، لأن لذلك محاذيره، وقد يتغير الأمر من السماح له لرفضه اذا استشف أن استمرار السماح قد يؤدي لعدم الإستقرار- بممارسة دور السيد 
المهيمن عليهما هما المرأة، المقيم.

ومن هنا فإن هذه العصبية والشعور بالإستفزاز الذى يظهر على العديد من الذكور 
هو محاولة لإستمرار هذا النظام الإجتماعي، كي لا يُسلب السلطة الوحيدة الممنوحة له بشكل مطلق، والتي يمارس من خلالها دور السيد المهيمن، وإن شئنا القول دور الفحل، والفحولة ليست ذات معنى جنسي فقط، بل لها معنى ثقافي اجتماعي ايضا.

والسياسي هنا يحاول قياس الأمور ويوازنها، بحيث تبقى العلاقة مستقرة داخل 
النظام الإجتماعي وقد يلجأ لمنح حقوق لطرف اذا كان في منحها استمرار للتوازنفهو يرى القضية من باب الإستقرار، والمصلحة العامة والأثر المترتب اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. 

اما الذكر فهو هنا لا يرى القضية من باب الحقوق، واغلبها حقوق شرعية دينية 

 ايضا الواجب اقرارها، بل يراها من جهة انها تهديد شخصي للأمر الوحيد المسموح له أن يكون صاحب القرار فيه والهيمنة عليه، دون أن يتحمل تبعاتسياسية، دينية، واجتماعية. 

فهو لا يرى المرأة كإنسان، مساوي له، عوضا أن يرى لها حقوق، ولا يسمع 
الأصوات التي تطالبه برؤيتها كذلك، بل هو منصرف تماما لما يرى أنه تهديد شخصي مباشر لذاته المضطربة، ولمكانته داخل النظام السائد، من خلال حرمانه من الهامش الوحيد المسموح له بأن يمارس دور السيد القادر فيه. 

ومن اجل استمرار هذه السلطة على المرأة والهيمنة، نراه يستخدم كل الأسلحة 
السياسية والدينية والإجتماعية والإعلامية، فحينا يدعي أن تلك المطالبات تهديد لأمن الوطن، وحينا يعلن أنها خروج على تعاليم الدين، وفي احيان اخرى يعلن انها تهديد لاستقرار الأسرة والعلاقات بين افرادها. 

ولا انفي هنا أن هناك محاولات لإستغلال قضايا الحقوق، وخاصة حقوق المرأة من اجل الإبتزاز السياسي للدولة، وهذا بلاشك مرفوض تماما، ومن يطالب 
بالحقوق عليه أن لا يسمح لتلك المحاولات بتشويه قضيته العادلة، أو السماح لها بأن تسئ للبلد، وافضل طريقة لمنع محاولات الإبتزاز السياسي، هي انهاء هذه القضايا العالقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق