24‏/01‏/2015

رأي حول عدم منع الرق ابتداءا في الاسلام



الكاتب: عبدالخالق مرزوقي


الإسلام دين واقعي ليس مثالي، وهو لبشر وليس لملائكة
لهذا لم يتم الأمر إلا بما يستطيعه الناس، وحسب واقعهم واستطاعتهم، والواقع والإستطاعة هي واقع واستطاعة الفرد 

والمجتمع على حد سواء. 

ومن ضمن امثلة الواقع والإستطاعة وشروطهما ، درجة وعي المجتمع وتطوره الديني، الثقافي، الفكري، الإقتصادي، والسياسي امثلة ذلك تدرج منع شرب الخمر، كان سبحانه وتعالي يستطيع 
انزال نص واحد ، يحرمها بشكل صريح ، لكن حكمته تعالى ومعرفته بخلقه، اقتضت التدرج، هذا ايضا نلحظه في ذكر اقسام
المستحقين للزكاة ، حيث تم النص عليها ، والنص على اقسام
مستحقيها ، لكن لم يتم النص على انهم يستحقونها في كل زمن
وحال، بل ترك للسلطة المنظمة للزكاة تقدير ذلك،  ومقدار نصيب 
كل مستحق من الاقسام .

 لذا حين جاء الإسلام لم يأمر بالرق بل وجده كواقع في المجتمع والثقافة الإجتماعية، ليس في الجزيرة العربية وحدها ، بل هي ثقافة تشمل كل شعوب العالم في زمن ظهور الإسلام،  واستمرت إلى  عقود قليلة جدا، إلى أن تطور الفكر الإنساني والقانوني لمنعه
وإن كان تم استبدال الرق والإستعباد الفردي، بعملية استعمار الشعوب والدول .

ولا نجد في نصوص الدين سواء كقرآن أو سنه، امرا به أو تشجيعا عليه، بل تعاملت معه كما يدل سياقها كآمر واقع بحاجة للتعامل معه وحل اشكالاته العديدة.

لم يمنعه ابتداء لأن الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي
لم يكن قادرا على تقبل واستيعاب هذا، من ناحية هو سلوك اجتماعي وثقافي مقبول في عصره متوارث لقرون .

ومن ناحية اخرى هو عصب الحياة الاقتصادية، سواء كتجارة

أو زراعة أو رعي، حيث كان الاعتماد عليه فيهم امر اساسي


ومن جهة ثالثة منعه ابتداء كان سيتسبب في مشكلة اكبر اجتماعيا وامنية واقتصادية في الجزيرة العربية، لأن اعتاق عشرات الألوف رجالا ونساء مرة واحدة دون ضمان مأوى وسبل العيش والسكن لفئة تمثل اكبر نسبة من السكان حينها ، سيحولهم إلى كارثة اجتماعية وامنية على المجتمع ويضعف استقراره.


فالحل الواقعي والاسلم لجميع الأطراف وللمجتمع، كان هو توسيع ابواب العتق، وتضييق ابواب الاسترقاق، ومن لديه حلفية بسيطة

في الشريعة والفقه يعلم هذا. 

الخطيئة حدثت حين حول الحكام ابتداء من بني امية الحروب إلى توسع امبراطوري، لاهداف سياسية واقتصادية، خاصة بالسلطة والدولة الناشئة والعلاقات داخلها، وليس بهدف الفتوحات كما سميت رسميا

واصبح توزيع السبي والاراضي والأموال ممارسة لكسب الولاء وزيادة النفوذ وتقليل المعارضة حينها، وهي تتعارض مع اهداف 

التشريع،  مما فاقم المشكلة بدلا من اتجاهها للتقلص تمهيدا لإنهائها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق