08‏/09‏/2018

مفهوم الموارد البشرية وتشيؤ الإنسان


مفهوم الموارد البشرية وتشيؤ الإنسان

عبدالخالق مرزوقي


برغم تخصصي الإداري، إلا اني لا انظر بود تجاه مفهوم الموارد_البشرية منذ أن تم استبدال مفهوم ادارة العاملين به
فالحديث هنا ليس عن مجرد استبدال كلمات بأخرى، ولا حول تعريفات اكاديمية نظرية جميلة للمفهوم، ومحفزة، بل عن واقع عملي، وتحول قامت به الرأسمالية والتي قامت بالهيمنة على العلوم الإدارية منذ نظرية الإدارة العلمية لتايلور، القائمة على أسس فلسفية عقلانية

وتشييء الإنسان يستخدم لوصف التعامل مع البشر كشيء

مع تجاهل شخصيته واحساسه ومشاعره، أي العملية التي يتم بها جعل مفهوم تجريدي موضوعيًا، وفي هذا المجال يكون المصطلح مرادفًا للمصطلح التحويل إلى أدوات.

وبحسب الفيلسوفة مارثا نوسباوم أن الشيء يكون موضوعيًا في حالة تواجد أي عامل من العوامل التالية: اذا تم التعامل مع البشر كأدوات، في حال رفض الإستقلالية وفي حال إذا كان يتم التعامل مع الأمر كما لو أن شخصًا آخر يمتلكه، إذا كان يتم التعامل مع الشيء على أنه قابل للتبادل إذا كان يتم التعامل مع الشيء على أنه مسموح به التلف أو التدمير، وفي حال رفض الذاتية أي اذا كان يتم التعامل مع الشيء ، كما لو لم تكن هناك أي حاجة إلى إظهار الاهتمام بمشاعر وخبرات "الشيء.

كان التحول البارز في استبدال مفهوم ادارة العاملين أو الشؤون الإدارية بمفهوم الموارد البشرية، الذى ينتزع مفهوم الروح البشرية من الإنسان، ويحولهم إلى مجرد مورد، آلة - شيء ما - تتعامل معه المنظمات كما تتعامل وتتصرف مع اي مورد آخر، كالأرض والمال، مجرد ادوات انتاج.

مجرد اداة انتاج رأسمالي، لا مشاعر أو احاسيس لديها، ولها قيمة بحسب ما تقدم من انتاجية، ويمكن استبدالها أو الإستغناء عنها بسهولة متناهية.

وهذا التحول الذى فاقمه مزيد من التخصص في العلوم
الادارية، باعد بينها اكاديميا وبين علمي الإجتماع والنفس
خاصة في الجامعات العربية، فلا ينظر في الجامعات العربية
تحديدا في المجالات التي تتقاطع فيها العلوم الإدارية مع بقية العلوم الإنسانية بجدية، كالسلوك التنظيمي، علم الإجتماع الإداري، علم الإجتماع الصناعي، وغيرها
جعل اقسام "الموارد البشرية" في المنظمات المختلفة، خاصة الكبيرة منها، وبحكم كل تلك المعطيات المسبقة، خاصة انها لم تعد تتعامل معهم مباشرة، جعلها

تنظر لهم كمجرد اسماء وارقام وملفات، موجودة على اجهزة الكمبيوتر، يمكن استبدال عشرات ومئات الإرقام منها بغيرها
بقرار لا يأخذ ثواني معدودة.

وهذا ينسحب ايضا على نسبة قد تكبر أو تصغر من القيادات
الإدارية العليا، التي تنظر للعاملين على انهم مجرد ارقام انتاجية أو معايير لمؤشرات الأداء، أو ادوات تحقيق اهداف

بالتأكيد لا اعني انه ينبغي عدم النظر لهذه الأمور، لكنك
عندما لا ترى الجانب الروحي/ البشري في الإنسان، عليك ألا تتوقع أن تراه داخلك انت.

فأنت حينها ايضا تكون قد تحولت، بفعل الإتجاه الرأسمالي
المهيمن إلى مجرد آله صماء "شيء ما"


لذا لابد في الفكر الإداري، وواجب على العاملين في المجال 
الإداري، من اعادة اكتشاف وتعريف الجانب البشري في الإنسان. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق